هادية الأحمر
“يفنى مال الجيدين و تبقى صنعة اليدين” (ينتهي مال الأجداد وتدوم حرفة اليدين: مثل تونسي) هكذا تقول سميرة الرزقة التي قضت أكثر من 40 سنة من عمرها في حرفة التطريز بمدينة البقالطة بولاية المنستير إحدى الولايات الساحلية الموجودة شرق البلاد، متحدثة بفخر عن حرفيتها وإتقانها فن التطريز الذي كان لقمة عيشها طيلة عقود.
توارثت سميرة زرقة (60 سنة) عن أجدادها حرفة التطريز و تتلمذت على يد والدتها وجدتها منذ نعومة أظفارها. تعلمت منهما أصول تطريز اللباس التقليدي الخاص بالعروس في جهات الولايات الساحلية وهو لباس يختلف من حيث خصائص التطريز و الزخارف حسب القرى، فلكل جهة أشكالها وزركشتها المستوحاة من الطبيعة شكلا ولونا.
تقول سميرة إنها تتقن تطريز جميع أنواع اللباس التقليدي الخاص بالعروس في كامل ربوع البلاد لا فقط جهات الساحل، اللباس التقليدي الذي تحيكه يلقى رواجا كبيرا خاصة و أن جهاز العروس في ولايات الساحل لا يخلو من اللباس التقليدي الخاص بها، وهو ضروري نوع ما حتى رغم ارتفاع سعره.
القمجة والقفطان والتبديلة والحايك المطرز
تطرز سميرة أزياء تقليدية عديدة من بينها “القمجة” وهو فستان العروس التقليدي ليلة الدخلة ولا تزال العروس ترتديه أيام الزفاف، إلى جانب “القفطان” و “التبديلة” و “الحايك المطرز” و “الفرملة” و “السورية”، وتستعمل في حياكتها مواد خاصة مثل “العدس و الكنتيل والعقيق و التل” وهي حبيبات ومشكلات متناهية الصغر مختلفة الألوان تمثل جزئية التطريز، و تقوم بحياكتها على جميع أنواع الأقمشة كالحرير و الساتان و الحايك (قماش متين) والمبر (المخمل)
وتشير الزرقة إلى أنها هي و شقيقاتها معروفات بحرفة التطريز في مدينة البقالطة ( ولاية المنستير) والمدن المجاورة لها، نظرا لعدم وجود من يتقن هذه الحرفة الصعبة التي تتطلب عملاً متواصلاً و صبراً كبيراً و وقتا أطول، مؤكدة أنها تقوم حاليا بتعليم مجموعة منخريجات جامعة الموضة، أصولَ التطريز و أسراره حتى يتم توارث هذه الحرفة النادرة ولا تندثر.
كورونا عدوة التطريز
تؤكد سميرة أن عام الوباء كان عاما صعبا و تضررت فيه حرفتها بشكل كبير، فقلد دأبت على المشاركة في عديد المعارض بكافة جهات البلاد للتعريف بمنتوجها و لترويج ملابسها التقليدية، لكن مع إلغاء جميع المعارض و التجمعات تفاديا لانتشار فيروس كورونا، لم تشارك سميرة في المعارض و لم تقم ببيع ملابسها التقليدية وهي التي قامت بتجهيز عدد كبير من الأزياء لذلك.
و تتابع بأنها تلقت عرضا للمشاركة في معرض للملابس التقليدية بالمملكة العربية السعودية، وأنها دفعت 9 آلاف دينارا (3 آلاف دولار) معلوم مشاركتها في المعرض وثمن تذكرة الطائرة والإقامة، لكنها تعرضت للتحيل من قبل إحدى السيدات التي أوهمتها وعدداً من الحرفيين و احتالت عليهم.
وحين أقرت الحكومة التونسية منع إقامة حفلات الزواج، تأجلت مواعيد حفلات الزفاف، وبالتالي لم تتمكن سميرة من تلقي طلبات لتطريز ملابس المقبلات على الزفاف ما تسبب في حرمانها من مداخيل مالية طيلة عام الوباء.