مدونات

“التخسيس السريع” ضرره أكثر من نفعه

سمية المرزوقي

مع اقتراب بداية عام جديد، يتحمّس الكثير من الأشخاص الراغبين في إنقاص الوزن، لبداية نظام حمية قصير الأمد وسريع المفعول.

يتأثّر معظم هؤلاء بالإعلانات التي تتنافس على تحقيق الهدف في أسرع وقت ممكن، عبر عرض صور ما قبل نقص الوزن وما بعده.

وبمجرّد رؤية شكل الأجساد النحيفة والقوام الرشيق، يسقط كثيرون في فخّ الدعاية لهذا النوع من الحميات، وهم لا يدركون ثمن ذلك على صحّتهم وتوازنهم النفسي.

وهم الحمية السريعة

لفتت جمعية الحمية البريطانية إلى أنّ الكثير من العلامات التجارية والشركات المصمّمة للحميات الغذائية، تستغلّ هذا الوقت من السنة “للاستلاء على العملاء المحتملين”.

ولتفادي ذلك، تحذّر الجمعية من اتّباع الأنظمة التي تستخدم كلمة “التخلّص من السموم” أو الواعدة بفقدان الوزن بسرعة.

ويدعو خبراء التغذية أيضا إلى تجنّب الحميات التي توصي بتأثيرات حرق الدهون لبعض الأطعمة، مثل الشاي الأخضر، “الجريب فروت”، حمية الماء، نظام البيض المسلوق، ومن تناول نوع واحد فقط من الطعام مثل الملفوف.

وتفسّر الجمعية على أنّ أيّ شيء يدّعي أنّه يقدّم حلا سريعا لفقدان الوزن، قد يؤدّي في النهاية إلى إلحاق ضرر أكبر من نفعه.

وتؤكّد مارسيلا فيوزا، المتحدّثة باسم الجمعية، ذلك بقولها: “بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، يمثّل العام الجديد فرصة جيّدة لتحديد الأهداف والنوايا، بما في ذلك تحسين الصحّة. ومع ذلك، فإنّ قرارات العام الجديد التي تركّز على فقدان الوزن باعتباره نتيجة أولية، يمكن أن تؤدّي في كثير من الأحيان إلى إلحاق أضرار بالصحّة”، وفق صحيفة دايلي مايل البريطانية.

وتعتبر الجمعية قصص نجاح البعض في سرعة إنقاص أوزانهم دون انعكاسات سلبية على الصحة، نادرة ولا يمكن تعميمها. وترى أنّ الأجدى تجنّب الأنظمة الغذائية عندما لا تقدّم أيّ دليل على مدى جودة عملها.

ويوصي خبراء التغذية بتوخّي الحذر وعدم تقليد “المؤثّرين” ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي الذين يتعاملون مع بعض المنتجات أو الماركات، والتي لا تتناسب بالضرورة مع جميع الناس.

ولأنّ لكل شخص نظام أكل خاصّ وميولات مختلفة في نوعية الأطعمة المفضّلة، ينصح الأخصائيون باستشارة أطباء التغذية، لكي يحدّدوا النظام الغذائي الأنسب، والذي يتماشى مع صحّة كل فرد دون إلحاق ضرر بها.

الضرر النفسي والصحّي

يلجأ بعض الأشخاص الذين يعانون من وزن زائد إلى اتّباع حميات غذائية سريعة المفعول، بحثا عن جسم مثالي ونتيجة إيجابية في وقت وجيز. لكنّهم يصابون بخيبة أمل كبيرة عندما لا يلمسون التغيير الذي انتظروه وحلموا بتحقيقه.

الفشل في إنقاص الوزن يزيد في حجم الضغط، ويسبّب الإحباط، ويبعث على الشعور باستحالة تغيير الواقع، وبالتالي يضعف كل ذلك مقدار الثقة في النفس.

تقول نيكولا لودلام-رين، خبيرة التغذية وعضو جمعية الحمية البريطانية: “من الناحية النفسية، يمكن أن يكون ذلك ضارا حقا بتقدير الناس لأنفسهم، ممّا يجعلهم يعتقدون أنّهم ليسوا جيّدين بما فيه الكفاية”.

وتضيف الخبيرة في تعليقها: “النهج الأكثر صحّة واستدامة، هو نهج بسيط وبطيء، على عكس ما تُعَدّ به الأنظمة الغذائية”.

كما يمكن أن يساعد طبيب التغذية الأشخاص الراغبين في إنقاص أوزانهم، في النظر إلى أهدافهم طويلة المدى، والعمل على ضمان التأثيرات الإيجابية في صحّتهم العامة، وليس فقط الوزن.

وتوضّح كيتلين كولوتشي، العضو في الجمعية البريطانية: “الأنظمة الغذائية المبتذلة تعد بإصلاحات سريعة، فهي تتطلّب القليل من الوقت والتفكير وبعض الاستثمار، ممّا يعد بنتائج كبيرة. لكنها يمكن أن تتسبّب في مشاكل، لأنّها لا تؤدّي إلى تغيير مستدام طويل الأجل، ويمكن أن تتطوّر إلى اضطرابات في الأكل والصحة”.

علاوة على ذلك تشير الجمعية إلى أنّ هذا النوع من الحميات، يمكن أن يؤدّي إلى نقص العناصر الغذائية المهمّة أو تغيير التمثيل الغذائي (وهي عملية تحويل الغذاء إلى طاقة)، بحيث يؤدّي في الواقع إلى زيادة الوزن على المدى الطويل.

حمية التخلّص من السموم

يبدو الاسم مطمئنا، لأنّ هذه الحميات تُظهر أنّها تشجّع على تناول الأطعمة الطبيعية، والتي تتضمّن الكثير من الماء والخضروات.

لكن الواقع غير صحيح، حيث يمكن أن تخفي حمية التخلّص من السموم آثار جانبية ضارة، خاصّة بالنسبة إلى المراهقين.

فالسم هو مادة كيميائية، ويمكن أن تأتي السموم من الطعام أو الماء، ومن المواد الكيميائية المستخدمة في زراعة الطعام أو تحضيره، وحتى من الهواء الذي نتنفّسه.

وتُعالج أجسامنا هذه السموم من خلال أعضاء مثل الكبد والكلى، والقضاء عليها في صورة العرق والبول والبراز.

وعلى الرغم من عدم إثبات نظريات حمية التخلّص من السموم علميا، يعتقد الأشخاص الذين يدعمونها أنّ أجسامنا لا تتخلّص بشكل نهائي من السموم، وهي تظلّ عالقة في الجهاز الهضمي والليمفاوي وكذلك في الجلد والشعر، ممّا يسبّب مشاكل مثل التعب والصداع والغثيان، وفق تحليلهم.

وترتكز الفكرة الأساسية وراء حمية التخلّص من السموم، على الإقلاع مؤقّتا عن أنواع معّينة من الأطعمة التي يُعتقد أنّها تحتوي على سموم. وهذا يعني تطهير الجسم من كل الأشياء الضارة. لكن الحقيقة هي أنّ جسم الإنسان مصمّم لتطهير نفسه.

يُشير موقع جون هوبكينز مديسن الأمريكي إلى وجود الكثير من الادّعاءات حول ما يمكن أن يفعله نظام التخلّص من السموم، من الوقاية من الأمراض وعلاجها إلى منح الناس المزيد من الطاقة أو التركيز.

بالطبع، يمكن أن يُساعد تناول نظام غذائي يحتوي على نسبة منخفضة من الدهون والسكريات المضافة وغني بالألياف، على شعور العديد من الأشخاص بصحّة أفضل. لكن الأشخاص الذين يدعمون حمية التخلّص من السموم، يزعمون أنّ هذا بسبب التخلّص من السموم.

لا يوجد دليل علمي على أنّ هذه الحميات تساعد في تخليص الجسم من السموم بشكل أسرع، أو أنّ التخلّص من السموم سيجعلك أكثر صحّة ونشاطا.