اقتصاد تونس

البنك الدولي يحث تونس على إصلاح منظومة الدعم

دعا البنك الدولي، تونس، إلى إصلاح منظومة دعم الحبوب المكلفة وذلك على مستوى الدعم المباشر والتوريد لضمان صلابة النظام الغذائي، مشيرا إلى أنّ الإصلاحات السياسية والاجتماعية باتت ضرورية وتتطلب دراسة معمقة وجدولة مواعيد لتنفيذها.

وقال البنك الدولي في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول، إنّ بطء وتيرة تعافي الاقتصاد من جائحة كورونا، والتأخير في تنفيذ الإصلاحات الرئيسية بما في ذلك إصلاح منظومة الدعم، سيؤديان على الأرجح إلى “ضغوط إضافية على المالية العمومية للبلاد وزيادة عجز الموازنة والميزان التجاري”. 

ارتفاع التضخم

واستعرض التقرير تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصاد التونسي، إذ تسبّب ارتفاع الأسعار العالميّة للسلع الأساسيّة والمواد المصنّعة في تعاظم الأزمة الاقتصادية في البلاد وتفاقم مواطن الضعف خلال الأشهر الأولى من عام 2022.

 ووفقا للتقرير، ارتفع معدل التضخم من 6.7% في يناير/جانفي 2022 إلى 8.1% في يونيو/جوان       2022، ( أوت/أغسطس 8.6%)،  مما دفع البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة، وهي أوّل زيادة منذ عام 2020،  كما اتسع عجز الميزان التجاري بنسبة 56% في النصف الأول من عام 2022، ليصل إلى 8.1% من إجمالي الناتج المحلي.

وتوقع تقرير البنك الدولي أن يرتفع عجز الموازنة مدفوعاً بزيادة دعم الطاقة والغذاء ليصل إلى 9.1% في عام 2022 مقارنة بنسبة 7.4% في عام 2021. 

ارتفاع كلفة الحبوب 

وبحسب التقرير، ارتفعت قيمة الدعم المخصّص للحبوب في تونس من 730 مليون دينار سنة 2010 إلى 2569 مليون دينار سنة 2020، مع ارتفاع مستمر للطلب الداخلي وذلك رغم تطور الأسعار في السوق الدولية.

وأضاف البنك الدولي، أنّ حدّة هذا الارتفاع زادت مع تفجر الأسعار في السوق العالمية جرّاء الحرب في أوكرانيا، مشيرا إلى أنّه في حال استمر متوسط الأسعار لكامل 2022 على شاكلة الأسعار المسجلة خلال الـ5 أشهر الأولى من سنة 2022، فإن الدعم المخصّص للحبوب سيرتفع بنسبة 63% ليصل إلى 3.6 مليار دينار خلال السنة الحالية.

وأوضح البنك، أنّ السلع المدعمة تتضمن أساسا الخبز والطحين والسميد والعجين الغذائي والحليب والزيت النباتي، فيما تستحوذ منتجات الحبوب على النصيب الأوفر من الدعم نظرا لأنّ أسعارها عند الاستهلاك في تونس تعتبر من بين الأدنى في حين تعد الأكثر استهلاكا في العالم.

واستحوذت الحبوب على أكثر من ثلاثة أرباع قيمة الدعم الإجمالي المباشر للمواد الغذائية، كما يعد الخبز والعجين الغذائي والسميد والكسكسي والطحين من بين أكثر هذه المواد دعما على شكل سلع استهلاكية نهائية.

 ومنح البنك الدولي تونس في نهاية جوان/يونيو قرضاً بقيمة 130 مليون دولار لمساعدتها على تخفيف تأثير الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي للبلاد، ويتيح ذلك للحكومة “تمويل مشتريات الحبوب مع البدء في تنفيذ الإصلاحات المعلنة”، كما جاء في بيان سابق للمؤسسة الدولية.

ووفقا للتقرير، ارتفعت واردات ديوان الحبوب في تونس من 1٠5 مليار دينار سنة 2019، التي تشكل 1٠2% من الناتج الداخلي الخام، إلى 2٠4 مليار دينار سنة 2021 ، مما يمثل نحو 1٠8% من الناتج الداخلي الخام.

وتوقع تقرير البنك الدولي أن ترتفع قيمة واردات تونس من الحبوب إلى 4٠5 مليار دينار سنة 2022، في حال تواصلت الأسعار العالمية عند معدل الأسعار المتداولة خلال 5 أشهر الأولى من العام الجاري.

منظومة دعم جديدة 

وأشار البنك الدولي إلى أنّ منظومة دعم المواد الغذائية الحالية في تونس تعد أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع عجز الميزان التجاري، مضيفا أنّها خلّفت ضغوطا كبيرة على المالية العمومية للدولة، وأضرّت بالمزارعين ومصنعي المواد الغذائية، وأدت إلى الإفراط في الاستهلاك، مع حدوث تسربات خارج هذه المنظومة (تهريب) وهدر كبير. 

وحثّ تقرير البنك الدولي تونس على استبدال دعم أسعار المواد الغذائية بتحويلات نقدية تعويضية للأسر الأكثر احتياجا، ما سيجعل هذه المنظومة أكثر فاعليّة، بالإضافة إلى المساهمة في تخفيض تكاليف المالية العمومية وتكلفة الاستيراد، والأهم من ذلك تعزيز الأمن الغذائي في مواجهة التحديات المستقبلية. 

وكانت الحكومة التونسية، أعلنت في وقت سابق أنّها ستبدأ رفع الدعم التدريجي عن الطاقة والغذاء العام المقبل، مع صرف مساعدات مالية للأسر الفقيرة، معلنة عن إصلاحات عميقة يطالب بها المقرضون الدوليون.

وتجري تونس التي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية مدفوعة بتوتر اجتماعي، محادثات مع “صندوق النقد الدولي” للاتفاق على قرض قيمته 4 مليارات دولار، مقابل حزمة إصلاحات لا تحظى برضاء مكونات سياسية ومدنية٠