تونس

الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان.. تونس لم تنفّذ أي توصية 

كشف الائتلاف المدني لمتابعة الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان أن تونس أخلفت تعهّداتها، و”لم تطبق تقريبا أي توصية من توصيات الاستعراض الشامل.

معتقلو 25 جويلية

وبيّن ممثل الائتلاف وحيد الفرشيشي، خلال مؤتمر صحفي أمس الخميس، أنه رغم قبول تونس بجملة الملاحظات التي تلقتها السنة الماضية من قبل الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بجنيف إلا أنها أخلّت بالتزامها في تطبيقها.

وكانت تونس قد تلقّت 281 توصية، قبلت منها 192.

وتتعلّق التوصيّات عموما بالحريات الفردية والعامة ومنها حرية الصحافة واستقلالية القضاء وحقوق المجموعات وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وأكّد الفرشيشي أن تونس لم تقم بإصلاح شيء في ما يتعلق بهذه المحاور بل قامت بانتهاك جملة من الحقوق وخرقت عديد الاتفاقات في مجالات مختلفة.

 

الحقوق المدنيّة والسياسيّة

وكشف تقرير الائتلاف عن تراجع تونس عن الالتزامات المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية في عديد المستويات:

–  فعلى مستوى العودة إلى النظام الديمقراطي، وبالرغم من استلام تونس 4 توصيات، تطلب منها العودة إلى المنظومة الديمقراطية وإرساء مؤسسات تستجيب للشروط المتعارف عليها دوليّا، إلا أنها لم تنفذ شيئا من هذه التوصيات (ولم تفعّل الدستور الفردي الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد في 18 أوت 2022) حيث لم يتم إرساء المجلس الأعلى للقضاء ولا المحكمة الدستوريّة.

ولم يتم إحداث إلا مجلس نواب الشعب وانتخاب المجالس المحلية بعد تنقيح القانون الانتخابي والذي لم يراعِ التناصف في تمثيل النساء والرجال، والذي تم التراجع عنه بمقتضى المرسوم 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022.

واعتبر التقرير ذلك تراجعا خطيرا أدّى إلى مشاركة ضعيفة جدّا في الانتخابات لم تتجاوز الـ 11.4% في التشريعية والمحليّة، ولم تمكن النساء من الوصول إلى المجالس المنتخبة، حيث تبلغ نسبة النساء في البرلمان 16.2% فقط أما في المجالس المحلية كانت نسبة مشاركة النساء فيها 12% فقط.  

  على مستوى استقلال القضاء، وبالرغم من تلقي تونس 33 توصية إلا أنها لم تفعّل أيا منها، سواء في ما يتعلّق بإحداث المجلس الأعلى للقضاء أو تنقيح النصوص الجزائية الكبرى، والمجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية أو إنفاذ مخرجات تقرير هيئة الحقيقة والكرامة.

إلى جانب ذلك، رصد التقرير تواصل انتهاك استقلالية القضاء منذ مارس 2023.

وجاء في التقرير: “بات واضحا تدخّل السلطة التنفيذية في الوظيفة القضائية سواء في قضيّة ما يعرف بالتآمر على أمن الدولة حيث يقبع الموقوفون في السجن منذ ما يقرب من 14 شهرا من دون أي محاكمة تتعلق بهذه التهمة بل تنسب إليهم قضايا أثناء ذلك ويحالون على أساسها على المحاكمة”.

ولفت التقرير إلى تواصل هرسلة المحامين الناشطين في الدّفاع عن السجناء السياسيين ومقاضاتهم وتواصل المحاكم العسكرية محاكمة المدنيين (رغم صدور 11 توصية تتعلّق بتوقف تتبع المدنيين أمام القضاء العسكري)، حيث تمّت محاكمة 6 مدنيين أمام المحاكم العسكرية في 2023.

مرسوم 54 وحريّة التعبير

–  على مستوى حرية الرأي والتعبير: تلقت تونس في مارس 2023، 23 توصية تتعلق بحرية التعبير، مشدّدة على حماية حرية التعبير والتراجع عن المرسوم 54 لسنة 2022، وحماية حرية الصحافة وتطبيق النصوص الخاصة بها.

إلا أن المرسوم 54 واصل ضربه للحقوق والحريات ليطبّق خلال الفترة الممتدة من نوفمبر 2022 إلى سبتمبر 2023 على 33 شخصا: من سياسيين، صحفيين مدونين، محامين، ومدافعين عن حقوق الإنسان.

وحسب التقرير، فإن هذه المعطيات لا تأخذ بعين الاعتبار إلا القضايا التي تمّ التعامل فيها إعلاميا، وهي لا تعكس العدد الفعلي للحالات التي تمّ فيها تطبيق هذا المرسوم، حيث قد يكون العدد يتجاوز ذلك بكثير.

وأشار أصحاب التقرير إلى تواصل تطبيق المرسوم 54 إلى اليوم أي سنة بعد قبول تونس توصيات مجلس حقوق الإنسان بشأن حرّية التعبير حيث في ذكرى قبول التوصيات 24 مارس يتمّ إيقاف الصحفي محمد بوغلاب على أساس المرسوم 54 وتحديدا فصله 24.

وتستعمله السلطة لقمع الرأي المخالف الناقد لها مما يؤدّي حتما إلى الترهيب والصنصرة الذاتية التي ينتهجها العديد ممن كان صوتهم عاليا قبل 25 جويلية 2021.

– في ما يتعلق بحرية التظاهر وتكوين الجمعيات: قبلت تونس في مارس 2023 ستّ توصيات تعلّقت بحرية الجمعيات والحقّ في التظاهر السلميّ تمحورتْ أساسا حول الإبقاء على المرسوم 88 لسنة 2011 المتعلّق بالجمعيات  وتعويض قانون جانفي 1969 المتعلق بالتظاهر وإلغاء أمر 26 جانفي 1978، وتعويضه بقانون ينظم حالة الطوارئ.

إلا أنه وبعد سنة من قبول التوصيّات، بقيت كل هذه النصوص على حالها وتم تجديد حالة الطوارئ إلى موفى سنة 2024.

لا تغيير في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

وبخصوص الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة تلقّت تونس 48 توصية قبلتها جميعها.

يقول التقرير في هذا السياق: “بالنظر إلى مدى إنفاذ تونس لهذه التوصيات بعد سنة من قبولها، نلاحظ أن لا شيء تغيّر سواء في الحقّ في الصحة، وفي التعليم والضمان الاجتماعي وفي مستوى عيش لائق والحق في العمل”.

كما أشار التقرير إلى تجاهل الدولة تعهّدات في علاقة بالحقوق البيئيّة وأكّد أنها ما تزال مهمّشة.

ولفت التقرير إلى أن الدولة التونسيّة تلتزم الصمت حيال حقوق مختلف الفئات. وبيّن أن تونس تلقّت 93 توصية مباشرة تتعلق بمختلف الفئات الاجتماعية من نساء، مثليين، مزدوجي الميل الجنسي عابرين وكويريين، ذوي وذوات الإعاقة، أطفال، مهاجرين وطالبي اللجوء، وقد قبلت تونس أغلب التوصيات واطلعت على مجموعة منها، إلا أنه وفي العموم لم تشرع الدولة التونسية، في إنفاذ أي منها، وفق المصدر ذاته.