رأي

الاحتلال الفرنسي للبلاد التونسية بين خياري الإلحاق أو الحماية

بقلم : فوزي الصدقاوي (*) 

ما قدّمنا من عرض للسياقات الدولية والإقليمية والمحلية في الأجزاء السابقة([1]) كان استعراضا مجملا للعناصر التاريخية التي أنضجت ”الإجاصة التونسية”([2]) وجعلتها جاهزة للقطف وحسمت التردد الفرنسي للتحرّك باتجاه البلاد التونسية سنة 1881، فالتوسّع العسكري العنيف من قبل الدول الأوروبية ما كان ليحدث دون عهود بينية، أدناها تلميحات شفوية أو إيماءات([3]) وما كان ذلك مسموحاً أيضا خارج منطق التوازنات الدولية واقتسام المجالات الحيوية سواء كان تعلق الاقتسام بما في المجال الأوروبي أو بما في ”عالم ما وراء البحار ”، ذلك أن منطق التوازنات يستقرّ على قاعدة المصالح المشتركة للدول الأوروبية النافذة، صاحبة المشروع الاستعماري.

معتقلو 25 جويلية

كان قطاع واسع من الرأي العام الفرنسي يرى أن البعثات العسكرية الاستعمارية إلى تونس تتعارض مع المصالح القومية لأنّها ترهق الميزانية الفرنسية وتضعف المقدّرات المالية للبلاد وتشتت الجهود العسكرية وتبدد قدراتها الدفاعية. إضافة إلى أن غالبية الفرنسيين يتجه حرصُهم  إلى اعتبار استرجاع الألزاس واللوران أولوية فرنسية قومية تستوجب دعم الجاهزية العسكرية تحسبا لنشوب حــــــــرب مـــــجـــــــددا ضـــــــــد الجــــــــارة الألمـــــــــانيــــــــة، لاســــــيمـــــا وأن المـــــــســــــــتـــــشار الألـــــماني أوتــــــــــــــوا فـــــــــــــان بــــــــــــسمـــــــــــــــــــــــــــارك(  (Otto Von BISMARCK ظلّ يعمل على عزل فرنسا عن الساحة الدولية،

زاد تؤكّد السلطات الفرنسية من تلك النوايا حين التحقت إيطاليا بالحلف الثلاثي(Le Triple Alliance )([4]). وكان يُخشى مع كل هذا، من أن تُضرّ السياسة التوسعية التي تصرّ حكومة الجمهورية الثالثة على إتباعها في تونس، بالعلاقات الإستراتيجية لفرنسا مع حلفائها الأوروبيين([5]).

ضمنت معاهدة الحماية الموقّع عليها يوم 12 ماي 1881 تعهّد الدولة الفرنسية الحامية باحترام الاتفاقيات التي أبرمها الباي مع الدول الأوروبية وضمان حسن سير “اللجنة الدولية المالية” باعتبار المسؤولية التي تقع على فرنسا في الحفاظ على مصالح الدول الأوروبية في تونس وباعتبار أن مشمولات اللجنة الدولية المالية هي المراقبة والتصرّف في مداخيل البلاد التونسية وليس للباي الحق في نقض أو إبرام أي اتفاقية ولا له أن يمنح امتيازات أو يُجري إصلاحات دون موافقة اللجنة([6]).

أما جول فيري فكان يرى أن مصلحة فرنسا القومية تكمن في تخطي خسارة الألزاس واللورين و محو آثار الهزيمة ولا يتحقق ذلك إلا بفتح أسواق جديدة لمنتجاتها بانتهاج سياسة التوسّع بغاية إنعاش اقتصادها وهو ما سيسهم أيضا في إخراج فرنسا من عزلتها. وقد أكّد الأهمية الاستراتيجية لهذا النهج، الدبلوماسي ألفونس دي كورسيل([7]) (Alphonse Chodron de Courcel ) الذي كان يرى في تونس بلدًا يمكن أن يُزعزع به التوازن الأوروبي، إن بَسطت فرنسا فيها نفوذها، فهو يقدّر  أنّ تونس بلد تشكّل نقطة استراتيجية مهمة بعد الجزائر. وهي “[…] أيضًا نقطة البداية لإحياء فرنسا”([8]).1- الموقف المناهض لاحتلال البلاد التونسية

صادق المجلس البرلماني يوم 24 ماي 1881 على المعاهدة باجماع شبه تام إذ لم يعترض عليها إلا نائب واحد من أقصى اليسار واحتفظ 89 بأصواتهم بينما صادق عليها بقية أعضاء المجلس الذي جاءت بهم إنتخابات سنة 1877 والذي يعدّ 535 نائبا([9]).

كان الرأي العام الفرنسي السائد يعتبر البعثات العسكرية التي جعلت احتلال البلاد التونسية هدفا لها ‘‘مغامرة غير محسوبة’‘ لن يجني من ورائها الفرنسيون أي فائدة تُذكر ([10]). وكانت هذه المعارضة تتغذى من أصـــــــــــــداء القــــــضية التي رفــــــعها تيودور روستـــــــــون([11])(Théodore Roustan)ضد رئيس تحــــــرير الصـــــــحــــيفة هـــــــــــنري روشفور ([12]) (Henri  Rochefort)، لانتراسيجون (L’intransigeant) لمقال صدر لها في عددها 440  بتاريخ 27 سبتمبر 1881  تحت عنوان (Le secret de l’affaire Tunisienne )، وقد قضت المحكمة بتبرئة روشفور مما زاد في دعم التيار  المعارض لاحتلال البلاد التونسية  ([13])

ويؤكد وجهة نظر هذا التيار المعارض ما ذهب إليه النائب في البرلمان الفرنسي بول فينياي دوكتون (Paul Vigné d’Octon) في تقريره العام تحت عنوان  “جرائم الاستعمار الفرنسي في عهد الجمهورية الثالثة” في قوله ( لقد تقرر احتلال البلاد التونسية على غرار احتلال التونكان([14])، غداة هزائمنا العسكرية الداخلية([15]) وليست السياسة التوسعية التي اتبعها جول فيري ([16]) غير محاولة لرفع معنويات المؤسسة العسكرية المهزومة واستعادة مجد فرنسا البائس. إن عجزنا العسكري التام في مواجهة القوة البروسية الضاربة هي التي دفعت جول فيري إلى البحث عن انتصار عسكري غير متكافئ مع شمال افريقيا. إنه لم يقع الرد على الضربات العنيفة التي تلقيناها من الألمان والتي لا زالت مخلّفاتها قائمة إلى اليوم في اتجاه المعتدي الذي يحتل اليوم جزءاَ من أراضينا، بل في اتجاه العرب و الأسيويين الذين لا يمتلكون وسائل المقاومة والردع والسيادة. لقد افتقدنا مقاطعتين من ترابنا الوطني لكننا صادرنا من التونسيين وشعب الطونكان كامل أوطانهم..)([17]).2 الموقف الفرنسي المطالب بإلحاق البلاد التونسية

يعتقد قسم من الفرنسيين أنّه لا يمكن إيجاد حل للمعضلات التي يواجهها احتلال البلاد التونسية ضمن نظام الحماية([18]) إلا بإلغاء تلك الاتفاقيات وتنصّل فرنسا من مسؤولية حماية مصالح الدول الأوروبية وليس من طريقة لذلك إلا بإلحاق([19] البلاد التونسية بفرنسا تماما مثلما كان الأمر مع الجزائر، وهو خيار  لن يكون بدون مزيد من تعقيد الوضع الدولي على فرنسا بتألّب الدول التوسّعية ضدها([20]).

كانت الجالية الفرنسية بالجزائر والجالية الفرنسية بالبلاد التونسية تدافعان عن فكرة الإلحاق (L’annexion) لجعل تونس حكرا على الفرنسيين وهي ترفض فكرة الحماية لأن نصّ معاهدة باردو لم يتوفّر على ما به يدافع الفرنسيون عن مصالحهم أمام حكومة الباي والقوى الأوروبية ([21]). فضلاً عن أنّ النظام البرلماني الفرنسي سيسمح في حالة تكون عصفت أي أزمة سياسية بالحكومة، باحتمال انتزاع الحماية من يدها ليُحال الأمر إلى تصرّف الوزير المقيم لفرنسا بتونس خارج أي مراقبة للبرلمان.  إن هذه الفئة من الفرنسيين ومن بينهاالجالية الفرنسية بالجزائر وبتونس ترغب في إدارة البلاد بصورة مباشرة تؤدي إلى فرض نظام إحتلال في تونس كالنظام المعتمد بالجزائر وهي لا ترى  أي مصلحة في ترك بعض الأمر للباي أو للجاليات الأوروبية غير الفرنسية المقيمة في تونس([22]).3الموقف الفرنسي المدافع عن نظام الحماية

يعود إرساء نظام الحماية ووضع توجّهاته العامة والدفاع عنه إلى الدور المميّز الذي قام به القنصل الفرنسي بتونس تيودور روسطان (Théodore Roustan) ([23]). لكن المراسلات السرية التي بعث بها رئيس أساقفة الجزائر الكاردينال لافيجري إلى الأب شارمطون([24])(Le père charmetant) كان لها دور حاسم  ([25]).فقد تضمّنت نقاطا أساسية اعــــــتبرها قـــواعد في الدفاع عن نظام الحماية، عند التحــــــاور مع وزيــــر الخــــارجية الفــــرنسي الــبارون دي كورسال (Courcel  de  Le Baron)([26]) فهو يوصي، مستفيدا من تجربته في الجزائر، أنّه :

 يجب عدم قبول فكرة الإلحاق (الضمّ)، مؤكّدا أن إلحاق فرنسا لتونس سيثير  العصبية الدينية ضد الفرنسيين ويدفع بالتونسيين إلى حروب دينية تحت تأثير فكرة الجامعة الاسلامية (panislamisme)، ناهيك وأنه إن نشبت حرب في تونس فقد لا تتوقف عند الحدود التونسية ولن يتأخر الجزائريون بدورهم بالانخراط فيها، خاصة وأن الوضع يُــنبئ باندلاع حرب في أوروبا، وستكون فرنسا حينها قد شتّتَتْ قدراتها العسكرية. ويعبّر لافيجيري عن هذا المعنى في رسالته قائلا : ( إني لا أتردد في القول بأنّنا نكون قد وقعنا في خطإ سياسي إذا إنزلقنا لأيّ سبب من الأسباب في سياسة إلحاق الإيالة التونسية ويجب على فرنسا أن لا ترتكب مثل هذه الهفوة  بل من واجبها أن تقتصر على حماية حقيقية تمنحها سلطة ضرورية تعدّ بها للمستقبل، وتسمح لها بالتستّر وبعدم إثارة العصبية العربية وذلك بإبقاء حاكم مسلم يكون في الظاهر على رأس البلاد.) ([27])، وهو ينصح بالسير وفق مراحل وعدم مصادمة وعي الأغيار وتهيئة المناخ الملائم قبل التقدم للمرحلة الموالية.

يبدو أنّه كانت لهذا الرأي أصداؤه في اللجنة([28]) التي انعقدت في باريس في مارس 1882 لتحديد التوجّهات التي يمكن اعتمادها بخصوص الشؤون التونسية. حيث أُبعدت فعلا فكرة الإلحاق كما اُستبعدت أيضا فكرة الحماية المطلقة([29])،تُشكّل هذه النصائح توجيهات عامة استخلصها الكاردينال لافيجيري من معرفته بالجزائر خلال فترة إقامته فيها وكانت تتقاطع، لا ريب وتجد قبولا، لدى القيادة السياسية حاملة المشروع التوسعي، حيث يؤكّد جول فيري أن نظام الحماية هو الحلّ الأمثل، لكونه حلا وسطا وضروريا لإدماج الايالة  ولكونه أيضا يُعفي فرنسا من إثقال كاهل ميزانيتها من تحمّل مصاريف إنشاء إدارة فرنسية في تونس، وهو يَسمَحُ لها من جهة أخرى بمراقبة شؤون الإيالة بمسافة، ولا يُــقحِمها في مسائل ادارية تونسية غير ذات أهمية، كما يُجنّبها الدخول على نحو مباشر  في نزاعات ناجمة عن خلافات ثقافية أو تناقضات حضارية وهو في نهاية التحليل، كما يرى جول فيري، نهجٌ سيُنظر إليه بتقدير واستحسان  في بلاد عربية كثيرة ([30]) .4خطوتين إلى الأمام…من باردو إلى المرسىكانت  الوضعية العامة التي رافقت احتلال البلاد التونسية شديدة التعقيد دوليا وإقليميا ومحليا([31]) لذلك اتجهت فرنسا قبل توقيع معاهدة باردو، نحو  تطمين حلفائها من أن  احتلالها لتونس لن يكون سببا في تضرر مصالح الدول الأوروبية، فقد أبلغ وزير خارجية فرنسا (برتلمي سان هيلير)([32] ) (Jules Barthélemy-Saint-Hilaire)سفير أنجلترا عند استقباله بباريس أن الحكومة الفرنسية لا نيّة لها في بناء ميناء حربي في بنزرت، وأنّها ستحافظ على كل المعاهدات التي أبرمتها تونس مع بقية الدول العظمى([33]). غير أن تلك الوعود التي كانت تطلقها النخبة السياسية لم تكن حقيقة إلا من أجل ربح الوقت في إنتظار  أن تنضج الشروط من أجل الخطوة التالية، فقد جاء في رسالة من روسطان إلى وزير الخارجية الفرنسي بتاريخ 10 ماي 1881 (إن نظام الحماية([34]) يتمثّل في إحتلال بعض النقاط الاستراتيجية لضمان وجودنا في تونس وكذلك في إخضاع الباي لنا وتجريده من كل سلطة وحتى من إمكانية إدخاله لأي دولة أجنبية في علاقته بنا) ([35]) وهذا يعني أن التقدم باتجاه وضع اليد على البلاد التونسية كان مرتب له، لكن يستدعي التأني والحذر، واسترضاء الأطراف المتنافسة وتأمين مصالح دولهم.  وقدنصّ الفصل الرابع على تعهّد فرنسا ( إجراء المعاهدات الموجودة الآن بين دولة الإيالة والدول الأوروبية) ما من شأنه أن يُطمئن تلك الدول على أن مصالحها وإتفاقياتها السابقة مع الدولة التونسية مضمونة الحماية بموجب المعاهدة([36]) .

قام الوزير المقيم في سبتمبر 1881، تمهيدا للخطوة الموالية، بعزل مصطفى بن إسماعيل، رغم معارضة الباي، وشدد على علي باشا([37]) التزام أوامره وأنّه إن وفّى بالتزاماته سيمكّنه الوزير المقيم من أن يتولى خلافة محمد الصادق إثر وفاته، وقد ظل علي باشا يعمل تحت نفوذ الوزير المقيم. حتى إذا تولى عليّ باشا الايالة، كانت الظروف قد تهيّات لتنفيذ جميع الأوامر من أعلى هرم السلطة، فجاء قرار 8 جوان 1883 المعروف بمعاهدة المرسى ليضع الادارة التونسية تحت تصرّف الوزير المقيم([38]). فمعاهدة باردو لم تكن إلا خطوة ضرورية في إنتظار تحسّن الظروف الدولية والإقليمية والمحلية للمرحلة التالية، فهي ليست إلا مرحلة انتقالية في مسيرة احتلال تونس وكان يقتضي  من تلك التجربة أن تستمر المسيرة باتجاه أهدافها القصوى بكثير من الأناة  لحلحلة تلك المعضلات، واحدة تلو الأخرى وتفكيكها، تمهيدا لإحكام السيطرة على البلاد بكاملها .

في مسيرة الاحتلال ارتسمت بوضوح الخطوة الثانية نحو الأمام لدى بول كاملون ممثل الحكومة الفرنسية، الذي أكّد في رسالة خاصة له في فيفري 1882 إثـــــر تعيينه رسميا وزيرا مقيما في تونس أن خطته كانت تتمثل في (إنشاء وزارة للباي شيئا فشيئا مع فرنسيين وحكم البلاد التونسية من أعلى إلى أسفل)([39]) وفي تقرير موجّه، في الشهر التالي إلى رئيس المجلس وإلى وزير الخارجية، ممثل الحكومة الفرنسية كرّر الآراء نفسها بشأن إدارة البلاد (لا إلحاق، الإبقاء على حكومة الباي تحت الغطاء وباسمه سيتم القيام بكل شيء))[40](

تستند الحماية في تونس إلى وثيقتين: المعاهدة الموقعة في 12 ماي 1881 (بقصر السعيد- الشائع تسميتها معاهدة باردو) وقد جاء  في (المادة 2) من المعاهدة، موافقة الباي على أن “تتولى السلطة العسكرية الفرنسية المواقع التي تراها ضرورية لضمان إعادة النظام وأمن الحدود والساحل” .

 أما فرنسا فقد تعهّدت من جهتها في (المادة 3) “بمد الباي بالدعم المستمر ضد كل خطر من شأنه أن يهدد شخصه أو سلالته “ وهي تضمن في (أ) ” تنفيذ المعاهدات القائمة حاليًا بين حكومة الوصاية والقوى الأوروبية المختلفة “)[41](.

أما الوثيقة الثانية التي يستند إليها نظام الحماية في تونس فهي معاهدة المرسى والتي تنصّ  في المادة 1 على ما يلي : “من أجل تسهيل ممارسة الحكومة الفرنسية لمحميتها يتعهد فخامة الباي في تونس بتنفيذ الإصلاحات الإدارية والقضائية والمالية التي تراها الحكومة الفرنسية مفيدة([42]).  كما نصّت على إلغاء وزراة الحربية والبحرية وتعهّد حراسة المواني إلى البحرية الفرنسية، وجعلت الإشراف على الجيش التونسي إلى قائد عام جيش الاحتلال  وقد انتهت هذه السلسلة من المعاهدات إلى اتفاقية جرّدت  الباي من السيادة الداخلية مثلما كانت نزعت عنه معاهدة باردو السيادة الخارجية. وأصبح الباي مجرّد أداة ظاهرية تتوارى خلفه كل السياسات الاستعمارية ليكتفي الباي (بموجب تلك ”العهود” و”الاتفاقات”) بالتأشير على مقررات المقيم العام لفرنسا الذي بات فعلاَ يحكم البلاد التونسية ”من أعلى إلى أسفل”.


(*) باحث في التاريخ المعاصر

[1]- دراسة وسمناها بـــــــــــــــــــــ:  المشروع الأوربي التوسعي، المقدمات… ومعضلة الحماية  

2- في مؤتمر برلين عام 1878 الذي انعقد بين الدول الكبرى روســـيا وبريــطانيا والإمــــبراطورية الألـــمانية وإيــــطاليا بمشاركة فرنسا وتركيا لتسوية “المسألة الشرقية”  تلقت فرنسا بــصورة غير رسمية إشارة من المستشار الأماني أوتـــــوا فــــان بــسمارك ( (Otto Von BISMARCK بــ”أنّ الاجـــاصة التــــــونسية قد أينعت وحان قطافها”، وأنّه صار يمكن لها أن تنال نصيبها من تـــــركة الرجـــل المــــريض معتبرا احتلال فرنسا لتونس من شأنه أن يخفف عنها وطأة هزيمة حرب سنة 1870-1971 ويهوّن من آثارها على الفرنسيين.

[3]- كان الإيعاز لفرنسا بالسطو على تونس، باشارة المستشار الألماني إلى وزير الخارجية الفرنسي أن (الاجاصة التونسية قد نضجت) وأضاف بإشارة خفيفة شبيهة بالإيماء ( أن قرطاج لا يجب أن تُترك للبرابرة )، كان ذلك كافيا لتشرع في التهيأ  للدخول إلى تونس.  

[4] – الحلف الثلاثي (Le Triple Alliance )  :   (إيطاليا، ألمانيا، الإمبراطورية النمساوية المجرية).  

[5] – المحجوبي(علي)  : إنتصاب الحماية الفرنسية بتونس،سلسلة ما يجب أن تعرف عن، تعريب عمر بن ضو وحليمة قرقوري وعلي المحجوبي، طبعة 1986،سراس للنشر، تونس.ص76.

[6] – المرجع نفسه..ص69.

[7] – ألفونس دي كورسيل(Alphonse Chodron de Courcel )ولد في باريس ( 1835 – 1919) دكتوراه في القانون، دبلوماسي فرنسي، حصل على أول منصب ملحق بالسفارة في عام 1859، في بروكسل، ثم في سانت بطرسبرغ ، ثم وزير الخارجية وفي عام 1866 انتدب لقسم النزاعات، كان سفيرا لفرنسا لدى الإمبراطور الألماني (1881-1886) ، ثم ممثل فرنسا في المؤتمر الأفريقي في برلين (1884-1885). في عام 1889 عيّن على رأس قسم الشؤون السياسية، ثم مستشار الدولة في الخدمة الاستثنائية ومدير الأرشيف. قاد المفاوضات التي أدت إلى معاهدة قصر سعيد وإقامة الحماية الفرنسية في تونس

[8] – Andre Engel (Autor), 2009, Zur französischen Kolonialpolitik in Tunesien vom Berliner Kongress 1878 bis zum Beginn der 80er Jahre des 19. Jahrhunderts, München, GRIN

[9] –  المرجع نفسه،ص 62.

[10] – المرجع نفسه.ص74.

[11] – تيودور روستون (Théodore Roustan )  : ( 1833 – 1906 ) دبلوماسي وموظّف حكومي في الإدارة الاستعمارية الفرنسية، عُــــــيّن قنصلا في عدد من البلدان العربية، قبل أن يكلّف بالقنصلية الفرنسية بتونس، نجح في إقناع جول فيري باحتلال تونس، وكان قد أعد شروط نجاح إنتصاب الحماية.

[12] – فيكتور هنري دي روشفورت لوتشي ،( 1831- 1913 ) هنري روشفور ، وهو صحفي فرنسي وكاتب مسرحي وسياسي.  يخوض نقاشات طويلة في صحيفته (  La Lanterne و La Marseillaise و L’Intransigeant ) دافع عن الخيارات السياسية الراديكالية (مناهضة للإكليروس قومي، مناصر للكومونة، اشتراكي…) إشتهر بلقب “الرجل الذي لديه عشرين مبارزة وثلاثين محاكمة” وجهت له إدانات كثيرة ، قضى أغلبها في سجن نوميا ، تمكن عام 1874 من الفرار منها.

[13] –  لانتراسيجون (L’intansigeant) المقال صدر في عددها 440  بتاريخ 27 سبتمبر 1881 تحت عنوان (Le secret de l’affaire Tunisienne ).

[14]- التونكان(Tonkin ) منطقة تقع بشمال الفيتنام.

[15]- يقصد هنا بالهزائم العسكرية الداخلية :تلك التي منيت بها الجيوش الفرنسية أمام الجيوش البروسية سنة 1970 وفقدان فرنسا لمقاطعتي الألزاس و اللوران.

[16]- جول فيري ( Jules ferry) (1832- 1893 )في باريس ، وهو رجل دولة فرنسي. كان معارضا للإمبراطورية، وصار بعد سقوطها عام 1870، عضوًا في الحكومة المؤقتة، ولبضعة أشهر، عمدة باريس. عدة مرات وزير التعليم العام والفنون الجميلة بين عامي 1879 و1883 وهو صاحب المبدرات القوانين التي تجعل التعليم إلزامي ومجاني. اعتُبر أحد الآباء المؤسسين للهوية الجمهورية. كان رئيسًا لمجلس الوزراء من 1880 إلى 1881 ومن 1883 إلى 1885. كان الأكثر حماسة من بين السياسيين الفرنسيين لمشروع التوسع الاستعماري الفرنسي ، خاصة في شبه جزيرة الهند الصينية، اضطر إلى ترك رئيس الحكومة بسبب قضية تونكين .توفي بعد ثلاثة أسابيع من انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ ودُفن في Saint-Dié-des-Vosges.

[17]- دوكتون (بول فنيياي) ، عرق البرنوس : جرائم الاستعمار الفرنسي في عهد الجمهورية الثالثة. تعريب الأزهر الماجري، دار نقوش عربية، طبعة 2017، ص  87.

[18] – نظام الحماية (  protectorat) : هو نظام تعاقدي بين دولتين، بموجبه تدخل الدولة الضعيفة عسكريا تحت حماية دولة أقوى، حتى لا تتعرض للغزو والاعتداء على أرضها و شعبها، وتقوم الدولة الحامية بناء على ذلك بتمثيل الدولة المحمية في كل ما له علاقة بشؤونها الخارجية وتمثيلها في أسواق المال، فيما تتعهّد الدولة الحامية بتطوير إدارة واقتصاديات الدولة المحمية ومساعدتها على تجاوز ما تواجهه من صعوبات.

[19] – الإلحاق : (L’annexion) يترجم أيضا بـــــــ”الضم”، وهو إجراء تقوم به الدولة المحتلة بجعل المقاطعة المحتلة جزءً من أرضها بقرار سيادي، تصادق عليه المؤسسة التشريعية وقد صادق البرلمان الفرنسي على  إلحاق الجزائر لتصبح ” جزائر الفرنسية” ينطبق نظريا على أرضها وعلى أهاليها جميع ما ينطبق على فرنسا المركزية ومواطنيها.

[20] – المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق…ص69.

[21] -مرجع نفسه… ص73.

[22] – نفسه…..ص73.

[23] – المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق…ص69..ص74.

[24] – (فاليكس شالطون) (Félix Charmetant) : مبشر كاثوليكي فرنسي عضو في معهد الآباء البيض تم إرساله إلى زنجبار لإعداد أول قافلة تبشيرية أرسلها المطران لافيجيري إلى وسط إفريقيا لكمه عاد إلى فرنسا لأسباب صحية، وفي عام 1880 منعه الأطباء من العودة إلى شمال إفريقيا. فعيّنه الأسقف لافيجيري مدعيًا عامًا لشؤونه في باريس وفي عام 1886 كلفه الكاردينال لافيجيري لتكريس نفسه بالكامل له، في وظائف جديدة. وظل مدير  ”عمل الشرق”  (  L’Œuvre d’Orientإلى  وفاته في 21 جويلية 1921.

[25] – المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق…..ص74.

[26] – ألفونس شادرون كورسال (Alphonse Chodron de Courcel)  دكتوراه في القانون ، ( 1835-1919 ) حصل على أول منصب ملحق بالسفارة في عام 1859 ، في بروكسل ، ثم في سانت بطرسبرغ  في عام 1861. العودة إلى فرنسا ، ثم وزيرا  للخارجية. في عام 1866، كان سفيرا لفرنسا لدى الإمبراطور الألماني (1881- 1886)، ثم ممثل فرنسا في المؤتمر الأفريقي في برلين (1884-1885).  لقد تميز قبل كل شيء بالمهارة والقرار اللذين قاد بهما المفاوضات التي أدت إلى معاهدة قصر سعيد وإقامة الحماية الفرنسية في تونس.

[27] – المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق….،ص  75 و76.

[28] – اللجنة مكونة من روسطان ودوكري  Decrais)) وهاربات ( Herbette) مدير الشؤون السياسية ومدير الديوان بوزارة الخارجية، وبول كامبون (Paul Cambon)، الوزير المقيم الجديد بتونس. ورفع التقرير النهائي الصادر عن اللجنة إلى رئيس الحكومة(Freycinet) ووزير خارجيتها. ويتضمن التقرير عدد من أفكار روسطان،وقد أبعدت اللجنة كل أفكار متعلقة بالإلحاق وبالحماية المطلقة مع الحرص على أن تضمن فرنسا نفوذها و تأثيرها على البلاد التونسية. 

[29] – المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق….،ص 77.

[30] –  نفسه….،ص 78  .

[31] – عمدت الجيوش الفرنسية إلى دخول البلاد التونسية بذريعة أعمال العنف الجارية عند الحدود التونسية- الجزائرية، مع الملاحظة أن المناوشات على الحدود بين القبائل التونسية والجزائرية لم تكن وليدة شهر مارس بل تعود ومن بعيد حيث سجّلت سلط الجزائر ملا يقلّ عن 2380 حادثة فيما بين سنة 1870 وسنة 1881 أي بمعدّل 200 حادثة في السنة وهكذا فإن الحكومة الجمهورية الفرنسية لم تكن تعير أي إهتمام لما كان يحدث على الحدود، لكنّها استعملت تلك الأحداث ذريعة للتدخل العسكري وبسط حمايتها على البلاد التونسية

[32] – برتلمي سان هيلير (Jules Barthélemy-Saint-Hilaire)(1805-1895 ) دبلوماسي وفيلسوف فرنسي كتب عن الأديان الشرقية، عن بوذا ، وعن محمد والقرآن.

[33] – المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق…. ،ص 62.

[34] – يحرص الرأي العام الفرنسي  على المحافظة على القدرة الدفاعية والميزانية والتحالفات وقد صادق المجلس يوم 24 ماي 1881 على هذه المعاهدة باجماع شبه تام إذ لم يعترض عليها إلا نائب واحد من أقصى اليسار واحتفظ 89 بأصواتهم بينما صادق عليها بقية أعضاء المجلس المنتخب سنة 1977، الذي يعدّ 535 نائبا.

[35] – المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق…. ،ص 70.

[36]- المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق…..ص 62.

[37] – قبل إحتلال تونس بعشرة أيام، كان علي باشا (باي الأمحال) في 14 أفريل 1881 قد أرسل 3000 جندي مشاة و800 خيالة إلى جبال الخمير  ليعيد الأمن إلى تلك المنطقة وينزع كل الأسباب التي تعذّرت بها للتدخل العسكري غير أنّه لم يقم بأي عمل لمجابهة الجيش الفرنسي، كما وجّه رسالة بتاريخ 10 ماي 1881 إلى روسطان يعلمه فيها بموافقته على المعاهدة  التي تعرض على توقيع الباي، ولم يتردد في وضع نفسه على ذمة فرنسا.

[38]- المحجوبي(علي): إنتصاب الحماية الفرنسية …..مرجع سابق…..،ص 78.

[39] – Paul Cambon, correspondance 1870-1924, Lettre à son épouse le 21 février1882, t1, Paris, Grasset, 1940, p. 156.

[40] – Ibid., p162.

[41] -(Arthur); GIRAULT, Principes de Colonisation Et De Législation Coloniale, Librairie de La Société Du Recueil Général Des Lois Et Des Arrêts, Seconde Edition,1904 , Tome II, Paris, p639-640.

[42] – Ibid., p640.