اقتصاد تونس

الأداءات المرتفعة تُلهب أسعار الملابس المستعملة

شهدت أسعار الملابس المستعملة في الآونة الأخيرة ارتفاعا جعلها تصبح صعبة المنال بالنسبة إلى الطبقة الفقيرة التي كانت تعتبرها ملاذا، وتتحوّل إلى قبلة الطبقة المتوسّطة أو الراقية بعد أن تطوّرت أساليب تسويقها وطرق عرضها، واتخذت لها محلّات عصريّة في الأحياء المتوسّطة والراقية.
وأرجع رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة، الصحبي المعلاوي في تصريح لجريدة الصحافة  في عددها الصادر اليوم 1 أكتوبر، غلاء الأسعار إلى عدّة أسباب منها الخارجية وأخرى داخلية، مبيّنا أنّ جودة الملابس المستعملة من دول أوروبا انحدرت بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وأصبح تجار الملابس المستعملة وأصحاب المعامل غير قادرين على توفير الجودة إلا بأسعار خيالية في بعض الأحيان. 
وبخصوص الأسباب الداخلية أشار المعلاوي إلى الرفع في الأداءات إلى أكثر من 20٪ في قانون المالية لسنة 2023، مما أثّر بشكل مباشر في الأسعار. 
وقال المعلاوي في السياق ذاته، إنّ هذا الإجراء كانت له تداعيات على تاجر الجملة وتاجر التفصيل وبشكل أكبر على المواطن البسيط الذي يعاني تدهور المقدرة الشرائية ولم يعد قادرا على مجاراة نسق ارتفاع أسعار العديد من المنتجات، خاصة الملابس المستعملة. 
وأكد رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة “الفريب” أن القطاع يتعرّض لمظلمة وأن الدولة تدفع في اتجاه غلق قطاع الملابس المستعملة الذي يستفيد منه أكثر من 80٪ من المواطنين عبر استمرارها في رفع الأداءات. 
وأوضح أن الدولة ستوظف أداء جمركيا بالموانئ على الشركات الموردة لهذه الملابس بـ27٪ مما يرفع مجمل الأداءات إلى 50٪. 
يشار إلى أن هناك 47 شركة تنشط في مجال التوريد والرسلكة والتصنيع في “فريب تونس” إضافة إلى 3 شركات تعمل بنظام المستودع الحرّ والتي تصدّر كل منتوجاتها إلى الخارج. ويتزود من هذه المستودعات 5500 بائع جملة يبيعون الملابس المستعملة إلى 50 ألف تاجر تفصيل يعملون في كل أنحاء البلاد. وتوجه شركات توريد الملابس المستعملة 30٪ مما تورده من الفريب بعد معالجته إلى الخارج في حين تحول 20٪ وتضخ الباقي في السوق المحلية ملابس مستعملة، وفق ما أوردته الصحافة اليوم في المقال ذاته. 
ويسمح قانون 1992 المنظم للمهنة لأصحاب المستودعات بتوريد 10 آلاف و500 طن من “الفريب” فقط حفاظا على نجاعة قطاع الملابس الجاهزة في حين تقدر الحاجة بـ27 ألف طن سنويا استنادا إلى المعطيات التي قدمها الصحبي المعلاوي رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة. 
وأضاف المعلاوي: “الملابس المستعملة تناسب القدرة الشرائية لأغلب التونسيين، وغالبيتها ذات جودة عالية، ومن ماركات عالمية، ما يجعل كثيرين يقبلون عليها، خصوصا في الأعياد خلال السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار الملابس الجديدة”، محذرا من أن “قطاع الملابس المستعملة عاش أزمات كبيرة في السنوات الماضية، فجائحة كورونا أثرت بشكل كبير في تزويد السوق المحلية بالمنتجات من الأسواق الأوروبية”. 
من جهته، يؤكد رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة سنويا، خاصة ملابس الأطفال، لا سيما في المواسم الاستهلاكية والمناسبات على غرار العودة المدرسية والأعياد، مضيفا أن غالبية العائلات لا تقدر على شراء ملابس لأطفالها بسبب التكلفة. 
وتابع الرياحي: “الملابس أغلبها مستورد، لا سيما من الصين، نتيجة تراجع الإنتاج في الداخل التونسي، إذ سجلت صادرات قطاع النسيج والملابس ارتفاعا بأكثر من 11٪ خلال العام الماضي، لكن أغلبها ليس بالجودة التي يبحث عنها التونسيون لكنه لا سبيل أمامهم غيرها، فالماركات العالمية المستوردة باهظة الثمن والعائلات لا تستطيع توفير المال اللازم لشرائها، خصوصا أن نسق ارتفاع الأسعار يقابله تجميد الأجور، ما يجعل غالبية التونسيين غير قادرين على مجاراة الأسعار، كما أن التجار يستغلون هذه المناسبات لرفع الأسعار. 
وأمام غياب الجودة وكثرة التقليد والسلع الصينية إضافة إلى غلاء أسعار الملابس الجاهزة والأحذية يجد التونسيون في “الفريب” ملاذا لأن أسعاره مناسبة للمقدرة الشرائية المهترئة لكن حتى الملابس المستعملة طالتها يد الارتفاع الجنوني للأسعار خاصة مع رفع الأداءات وتهميش القطاع.

معتقلو 25 جويلية