محمد بشير ساسي
أيامٌ قليلة بعد عودته من العاصمة واشنطن وإلقائه خطابا وصف بـ”الاستعراضي” أمام الكونغرس الأميركي، بدا واضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تلقى جرعة جديدة من الوحشية والتطرّف لمواصلة إشعال “حريق غزة” وتعقيد قواعد الاشتباك مع الجبهة اللبنانية وإخراج شق حيوي من الصراع مع إيران وأذرعها من معارك “المناطق الرمادية” نحو الضرب والاستهداف عسكريا ضمن ساحة المعلن الرسمي.
كسر الخطوط الحمراء
إثر حادثة سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل والتي قدرها الجيش الإسرائيلي بالأكثر دموية على “المدنيين الإسرائيليين” منذ السابع من أكتوبر، لم يتأخّر نتنياهو “المشحون” أميركيا بتوظيف الحادثة “الملتبسة” للتصعيد بعد اتهام حزب الله الذي نفى نفيا قاطعا مسؤوليته عن الحادثة في محاولة استعادة الردع المفقود في حرب ليس من مصلحته أن تنتهي، فأقدم على مغامرة توسيعها.
فخلال فترة وجيزة جدا، أقدمت إسرائيل على تنفيذ عملية اغتيال مزدوجة استهدفت رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران بعد ساعات فقط من انتهاء مراسم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، وقبلها القيادي فؤاد شكر الرجل الثاني في حزب الله اللبناني واليد اليمنى للأمين العام حسن نصر الله بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وبقدر ما قُرأت هذه “الخطوة الإنتقامية” أميركيا ضربة مؤلمة وجهتها إسرائيل “للجماعات الوكيلة لإيران”
خاصة أن واشنطن تعتبر (حماس وحزب الله) منظمتين “إرهابيتين”، فإنها برأي مراقبين بعثت إشارات خطرة – حتى في الداخل الإسرائيلي – بكون حكومة نتنياهو جمعت كلّ أسباب اندلاع حرب واسعة من شأنها أن تعقّد المنطقة أكثر وتدفعها إلى دورة جديدة من العنف والفوضى في ظل تجاوز كبير وحاد للقواعد التي تحكم سير الجبهات وتضبطها.
وإذا كان في حسابات نتنياهو توجيه “الضربة الأخيرة”، باغتيال قائدين بارزين في “محور المقاومة”، وهي مقامرة تعطيه “نصرا ما”، فإن ذلك برأي محللين، مثّل تجاوزا لمبدأ “ضربة بضربة” أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما أكده وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت في منشور على منصة إكس:”أكدنا أن بمقدرتنا الوصول إلى كل مكان لنجعل من يمسّ بإسرائيل يدفع الثمن”.
كان من الممكن أن يُحصر الهجوم الصاروخي الذي نفذه الطيران الإسرائيلي المسير على مبنى في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت المتجذرة بذاكرة عدوان حرب يوليو 2006- ضمن قواعد الاشتباك المألوفة، على أساس أن حزب الله غير معنيّ بنشوب حرب واسعة، ومن الممكن أن يرد بضربة محدودة دون إلحاق دمار كبير بالعمق الإستراتيجي الإسرائيلي.
لكن يبدو أنّ إسرائيل هذه المرة ذهبت بعيدا في ليلة واحدة نوعيا وجغرافيا وعسكريا، حيث اعتدت على عمق الضاحية الجنوبية المعقل الحصين لحزب الله للمرة الثانية عقب اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري ورفاقه، في الثاني من يناير 2024، لكن كان حينها عنصر المفاجأة سمة العملية، أما اليوم فللمرة الأولى يكون هدف إسرائيل بالضاحية حزب الله نفسه، بعد أيام من إعلان نيتها ضرب الحزب بهدف محدود لكنه مؤثر.
وفي نفس الوقت غامر الاحتلال بالعبث الأمني في العمق الإيراني عبر التخلص من شخصية ثقيلة في عملية يصعب هضمها من قبل طهران خاصة وأن هنية كان أحد ضيوفها في ليلة تنصيب رئيس جديد لها، فضلا عن أنّ الراحل هو رئيس حركة حماس ويعدّ أحد أركان محور المقاومة، واغتياله في طهران بمثابة استمرارا للحرب على غزة على الأراضي الإيرانية.
انتقام قاسٍ
في كسر إسرائيل الخطوط الحمراء في بيروت، كانت رسالة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله واضحة بعد توعده “برد حقيقي”، لكنه أبقى توقيته للميدان، في إشارة واضحة إلى أن الهدف قد حدد والقرار اتخذ.
وفي مراسم تشييع القائد فؤاد شكر، اعتبر نصر الله، في خطابه، أن العدو يقوم بأكبر عملية تضليل من خلال اتهام الشهيد شكر بأنه قاتل أطفال مجدل شمس. وأكد أن العدو ومن خلفه عليهم انتظار رد مدروس سيأتي حتما، مبينا أن العدو لا يعرف من أين سيأتي الرد، سواء من شمال فلسطين أو جنوبها، وهل سيكون متفرقا أم متزامنا.
موقف حزب الله جاء ليماثل التصعيد العسكري في منطقة الشرق الأوسط بعد اتهام إيران لإسرائيل باغتيال هنية في مقر إقامته بطهران بضوء أخضر ودعم استخباراتي من الولايات المتحدة كما جاء على لسان وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب ليعيد وحشية الكيان الصهيوني مجدّدا إلى الواجهة على حد تعبيره.
أما قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي فقد صعّد من لهجته قائلا: “إن على أعداء الأمة الإسلامية، وخصوصا العصابة الصهيونية المجرمة في غزة وداعميها، أن يترقبوا الغضب والانتقام الصعب من جانب المجاهدين في أطراف المقاومة الإسلامية كافة”.
كعادتها توعّدت طهران من أعلى هرم في السلطة المرشد الأعلى علي خامنئي بردٍّ قاسٍ على “الكيان الصهيوني”، مؤكدا أن الانتقام لدم هنية “من واجبات الجهورية الإسلامية الإيرانية لأن الاغتيال وقع على أراضيها”على غرار قصف مقرات داخل العراق وباكستان مطلع العام الجاري، ردا على تفجيري كرمان، وأخيرا عملية “الوعد الصادق” بشنها هجوما عسكريا مباشرا على إسرائيل في أبريل الماضيرردا على استهداف قنصليتها في دمشق.
حيال عملية الاغتيال المزوجة، تتحضر إسرائيل لسيناريو مواجهة شاملة على عدة جبهات، حيث دخل الجيش في حالة “تأهب قصوى” بتكثيف الطائرات المقاتلة دورياتها الجوية على الحدود بالإضافة إلى العشرات من الطائرات المسلحة جاهزة على مدارج الطائرات للدفاع والهجوم”.
كذلك تم “نشر واسع لأنظمة الدفاع الجوي وتكثيف التعاون مع التحالف الإقليمي” وفق ما ينشر في الإعلام العبري.
وتحسبا لسيناريو وشيك، لجأت السلطات المحلية إلى فتح الملاجئ في عدة مدن مثل تل أبيب وشارون وروش هاعين وكريات أونو، حيث ستكون الجبهة الداخلية وهي الرئيسية عرضة للهجمات الصاروخية بجميع أنواعها إلى جانب الطائرات بدون طيار، التي ستنطلق ليس فقط من لبنان واليمن، بل أيضا من إيران التي ستحاول إرسال جماعات مسلحة من داخلها ومن العراق وسوريا إلى الجبهة الشمالية لإسناد حزب الله لذلك أمرت السلطات بفتح الملاجئ في مدن عدة مثل تل أبيب وشارون وروش هاعين وكريات أونو.
قلق أمريكي
ووسط هذا الأجواء الملبدة بالتهديدات والتحذيرات تقف الولايات المتحدة في نقطة ما بين الرضى والقلق من مقامرة إسرائيلية قد تتسبب في اتساع نطاق العمليات العسكرية في الشرق الأوسط مع تجدّد الضربات بين إسرائيل وإيران على غرار ما حدث في أبريل الماضي
مما قد يؤدي إلىى حرب إقليمية شاملة لا تريدها واشنطن قبل انتخاباتها الرئاسية في نوفمبر المقبل وتجبرها بإجراء تغييرات على انتشار القوات الأميركية في الشرق الأوسط، من أجل تعزيز الجاهزية القتالية لمواجهة الرد المتوقّع من إيران وفسيفسائها القتالية وفق الالتزام الذي أكده وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت.
وإزاء هذا الوضع المعقد كشفت تقارير إعلامية أن إدارة بايدن مقتنعة بأن إيران ستهاجم إسرائيل وتستعد لمواجهتها. وأشارت المصادر إلى أن الرد الإيراني قد يشمل أيضا مشاركة حزب الله في لبنان. كما توقعت المصادر أن يكون رد طهران مماثلا في أسلوبه لهجوم 13 نيسان وربما يكون أوسع نطاقا وفق ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.
ويشعرُ الرئيس بايدن وكبار مساعديه بالإحباط الشديد، ويخشون أن يكون من الصعب حشد تحالف دولي وإقليمي مماثل للتحالف الذي ساعد إسرائيل في صد الهجوم الإيراني الأمر الذي جعل مكالمته الهاتفية مع نتنياهو “صعبة ومتوترة” لأن الأخير أخفى عنه خطط تنفيذ اغتيالات، وذلك بعد أن ترك انطباعا الأسبوع السابق بأنه يستجيب لطلب الرئيس الأميركي بالتركيز على إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
ووفق موقع أكسيوس الإخباري نقلا عن أحد المسؤولين الأميركيين فإن بايدن حذر نتنياهو من أنه إذا أقدم على التصعيد مجددا، فينبغي له عدم الاعتماد على الولايات المتحدة لإنقاذه وخصوصا وأن هذه الهجمات جاءت بعد مباحثات جمعت خلال الأيام المقبلة مدير جهاز الموساد ديفيد برنيع مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية “سي آي إيه” بيل بيرنز ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل لمناقشة الاقتراح الإسرائيلي المتعلق بصفقة وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين لدى حماس.
معادلة جديدة
إذا كانت إسرائيل ممثلة بنتنياهو تعرف جيدا بأنه ليس بمقدور طهران السكوت عن اغتيال هنية على أرضها وفؤاد شكر الرجل الثاني في حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، ولا خيار أمامها في مجال أمنها القومي ومساحات نفوذها سوى القيام برد واضح ورادع، فهل قدّرت جيدا تل أبيب حقيقة السيناريوهات الممكنة وتداعياتها على أمنها وأمن المنطقة برمتها وهي غارقة في وحل قطاع غزة للشهر العاشر على التوالي دون ظهور ملامح النصر الذي وعد به نتنياهو بالإضافة إلى تهديدها من قبل عدة جبهات الإسناد لغزة – جنوب لبنان، سوريا، العراق واليمن- المرتبطة بإيران.
لعل أهم ملمح إستراتيجي لعملية الاغتيال المزدوجة في طهران والضاحية الجنوبية لبيروت هو إعلان رسمي بانتهاء إستراتيجية “الصبر الإستراتيجي” وحروب المناطق الرمادية وتغيّر معادلة الصراع بين إيران وإسرائيل التي عادة ما كانت تحكمها فترات صعود وهبوط.
لا يحصر العقل المركزي في النظام الإيراني مقاربته لعملية الاغتيال فقط في خط الصراع والمواجهة بين طهران وتل أبيب، بل يضعها في إطار أوسع إقليميا ودوليا وبالتالي يمكن في هذا السياق الوقوف على جملة من السياقات:
1- السياق الإيراني: إن كانت إيران تتوعد برد مزلزل وهي تبتلع الضربة تلو الأخرى مفضِّلة تفويت الفرصة على نتنياهو الذي يحاول جرها إلى حرب واسعة مفتوحة، إلا أن عملية الاغتيال المزودجة وخاصة إسماعيل هنية بدت أثقل على النظام الإيراني من اغتيال علمائه النوويين أو خبرائه العسكريين أو قياداته الأمنية.
وأيًّا كان الأسلوب الذي جرى به اغتيال “أبو العبد هنية” فإنه في الواقع أصاب منظومة أمن الدولة المستضيفة وهيبتها، فقد كان مكان الاغتيال مهمًّا بقدر أهمية الشخصية التي استهدفتها إسرائيل؛ إذ تجاوز اغتيال قائد فلسطيني مهم ليكون ضربة دقيقة وحرجة لكل محور المقاومة والدولة التي تدعمه. وفيه تحد صارخ لاستقلال طهران ودعوة للحرب التي يدرك قادة إسرائيل كم تحاول الإستراتيجية الدفاعية الإيرانية تجنبها.
كما ترى طهران أن عمليات الاغتيال هي خطوة استباقية من قبل نتنياهو لإعادة هندسة الشرق الأوسط وأحداثه وتقديم ذلك للرئيس الأميركي القادم كأمر واقع محكوم بمحددات ومصالح إسرائيل أولا، مما يعني عدم انتظار رؤية هذا الرئيس تجاه الشرق الأوسط بحيث يتم توظيف إسرائيل فيها كلاعب وفق المنطق الأميركي للرئيس الجديد.
2- السياق الإسرائيلي: يجمع كثيرون حول أن سياسة الاغتيالات الموجهة تضع إسرائيل في مأزق ولا تشكل نصرا إستراتيجيا على أعدائها لكونها مجرد ضربات تكتيكية لا ترقى إلى أن تكون إستراتيجية، حيث يمكن أن تنتهي بوأد مفاوضات وقف إطلاق النار وتفويت فرصة وقف الحرب التي استنفدت أغراضها في قطاع غزة، وفق منطق الإدارة الأميركية، وتهدئة الأجواء على الجبهة الشمالية مع حزب الله، وقد تحملُ الشرق الأوسط إلى حرب شاملة بين إسرائيل وبين إيران وأذرعها.
لكن في المقابل يصر نتنياهو على الترويج بأن الاغتيالات تسمح بحماية إسرائيل وتكسبها الوقت في آن واحد، وهو العاجز عن تقديم أدنى شكل من أشكال الحلول للصراع،
في وقت تتصاعد فيه الخلافات بينه وبين فريقه المفاوض وقادة الأجهزة الأمنية بخصوص صفقة التبادل، أضف إلى ذلك غضب عائلات الأسرى التي طالبت فريق التفاوض والقادة الأمنيين بإطلاع الجمهور على من يعرقل الصفقة وذرائعه. كما دعت الإسرائيليين إلى الوقوف كالجدار للدفاع عما أسمته الواجب الوطني لإعادة الأسرى.
بشكل عام وبعيدا عن الحسابات السياسية داخل إسرائيل، إذا ما تم ربط عملية الاغتيال المزدوجة بالعقيدة الأمنية الإسرائيلية فإن ذلك يحيل المتابعين إلى بنك من الأهداف ومجموعة من الرسائل التي تعمدت تل أبيب إيصالها وهي كالآتي:
– سعي إسرائيلي لتثبيت عملي لمفهوم أنه لا خطوط حمراء لا مع إيران ولا مع حلفائها.
– توجيه ضربة قوية للمحور برمته (محور المقاومة)، وعلى أرض الراعي الأول له وداعمه الأساس أي إيران لإثبات هشاشة أمنها ومستوى الخرق الأمني في منظومتها الأمنية، وتشكك بقدرتها على مواجهة الضربات، في سعي لجعل الحلفاء يعيدون النظر في مدى قوة إيران وهيبتها.
– محاولة القيام بهدم كلي للمكسب الذي حققته إيران عندما اتخذت قرارا غير مسبوق بضرب مباشر ومعلن ورسمي، وللمرة الأولى، لأهداف عسكرية في الداخل الإسرائيلي انطلاقا من أراضيها ردا على قصف قنصليتها في دمشق واغتيال قيادات مهمة في الحرس الثوري.
– جعل مهمّة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان
الذي بدأ ولايته منذ أيام قليلة وتُبنى عليه آمال بإمكانية حلحلة المشكلات الاقتصادية، صعبة وشائكة وقطع الطريق أمام أي حالة من التقارب أو التفاهم في خط العلاقة بين واشنطن وطهران.
– استعادة الجزء الصلب من مفهوم الردع الذي سقط في خضم ما جرى في 7 أكتوبر 2023 في عملية “طوفان الأقصى”، وما تلا ذلك من أحداث مختلفة على جبهات متعددة.
– بعث رسائل لأطراف إقليمية، تعول على العلاقة مع إسرائيل سرًّا وعلنًا لمواجهة إيران، بأنها ما زالت قادرة رغم ما لحق بها نتيجة عملية “طوفان الأقصى” والمقاومة الصلبة للمقاومة الفلسطينية سواء في الميدان أو المفاوضات.
ضرب مباشر
إذن تجد إيران نفسها مع بداية عهد رئيسها الجديد الذي يسعى إلى فتح باب الحوار مع الغرب، وخصوصًا مع الولايات المتحدة أمام اختبار كبير خصوصا وأن اغتيال إسماعيل هنية في طهران والقيادي بحزب الله فؤاد شُكر في الضاحية الجنوبية لبيروت إعاد البوصلة إلى مربعها الأول. أي أنه ضربة هدامة لمفهوم الرد الإستراتيجي للمحور فضلا عن أنه ترميم مهم لمفهوم الردع الإستراتيجي لإسرائيل.
في التقدير الإستراتيجي يبدو أنه لا يوجد أمام طهران سوى خيار وحيد يتناسب مع حجم وشكل ومضمون عملية الاغتيال المزدوجة، وهو الذهاب إلى ما يشبه نسخة ثانية من عملية “الوعد الصادق”، أي ضرب مباشر ومعلن ورسمي من قبل الحرس الثوري لأهداف داخل إسرائيل.
الأكيد أن ردا كهذا لن يشكل النهاية، فالمرجح أنه سيكون بداية جديدة لمرحلة جديدة في سياق الصراع برمته. فإذا كانت المعركة بالنسبة لنتنياهو في إسرائيل تتخلص في استعادة الردع الإستراتيجي بمعناه الإقليمي القائم على التفوق في كل شيء عسكريا وأمنيا واقتصاديا وسياسيا، فإن المعركة ذاتها بالنسبة لإيران وحلفائها هي الحفاظ على ضرب متتابع للردع الإستراتيجي الإسرائيلي من خلال تدعيم وتقوية مبدأ أحزمة النار حول إسرائيل دون الذهاب باتجاه حرب مفتوحة.