استشهد فيه فلسطينيّون.. الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يصف معسكرا إسرائيليا بـ”غوانتنامو جديد”

دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تحقيق دولي محايد وعاجل في تصفية الجيش الإسرائيلي مدنيين فلسطينيين بعد اعتقالهم من مناطق متفرّقة من قطاع غزة.

وأشار المرصد، في بيان له اليوم الاثنين 18 ديسمبر، إلى تطابق شهادات جمعها مع ما كشفته صحيفة “هآرتس” العبرية بشأن جرائم إعدام ميداني جرى تنفيذه بحق معتقلين، فيما قضى آخرون جراء التعذيب الشديد وسوء المعاملة خلال احتجازهم في معسكر للجيش يُعرف باسم “سديه تيمان”، يقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبًا.

وذكر المرصد أنّ المعسكر المذكور تحوّل إلى سجن “غوانتنامو” جديد يتم فيه احتجاز المعتقلين في ظروف قاسية جدّا، داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء ودون طعام أو شراب لفترة طويلة من الوقت.

وكشف المرصد أنّ الفئات العمرية للمعتقلين في المعسكر المذكور تتراوح بين القُصّر وكبار السن، ويتمٍ التحقيق معهم معصوبي الأعين وأيديهم مكبّلة معظم اليوم في مجمّعات مسيّجة، مضيفا أنّه خلال ساعات الليل، تكون الأضواء مضاءة ومسلّطة عليهم بقوة بهدف إرهاقهم وتعذيبهم، حسب بعض الإفادات.

ووفق شهادات جمعها الأورومتوسطي لمعتقلين تم الإفراج عنهم من المعسكر الإسرائيلي المذكور، فإنهم تعرّضوا لأنماط متعدّدة من التعذيب وسوء المعاملة وجرى منعهم من استخدام الهواتف، ولم يحظوا بفرصة لقاء محامين أو بزيارات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وأكّد هؤلاء وجود مسنّين معتقلين تعرّضوا للضرب المبرح والمعاملة المهينة، بالإضافة إلى تكبيل أيدي المعتقلين وأرجلهم في الحافلة خلال نقلهم واحتجازهم دون ماء أو طعام وهم مكبّلون ومعصوبو الأعين، فيما يُقابل بالعنف والشتائم كل من يحاول طلب شيء.

ونقل المرصد عن أحد المفرج عنهم قوله إنّه شهد على إطلاق جنود إسرائيليين الرصاص بشكل مباشر على خمسة من المعتقلين وتصفيتهم في حالات منفصلة.

من جهتها، أوردت صحيفة هآرتس العبرية أخبارا عن وفاة اثنين من المعتقلين من قطاع غزة أثناء اعتقالهما في معسكر للجيش الإسرائيلي، الذي لم ينشر بلاغا عن وفاتهما كما جرت العادة في حالة وفاة المعتقلين في سجون إسرائيل.

وذكرت الصحيفة أنّ أحد المعتقلين، وهو عامل سابق من قطاع غزة داخل إسرائيل، طلب عناية طبية قبل وفاته، لكن الجيش تجاهل ذلك وواصل اعتقاله في ظروف قاسية ما أدّى إلى وفاته.

وأشارت هآرتس إلى أنّ الجيش الإسرائيلي عرض 71 فقط من أصل أكثر من 500 معتقل أمام المحاكم الإسرائيلية، وتم نقل بعضهم إلى سجون تابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية أو لمراكز تحقيق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك).

وفي الثالث من نوفمبر، وثّق المرصد الأورومتوسطي وفاة العامل “منصور نبهان محمد ورش”، بعد اعتقاله لمدة 24 يوما، وقد تبيّن أنّ جسمه كان مليئا بالكدمات وآثار تكبيل ما أدّى إلى موته بسكتة قلبية.

وفي السابع من نوفمبر، تم الإعلان عن وفاة العامل ماجد أحمد زقول (32 عاما) بعد احتجازه في سجن (عوفر) الإسرائيلي وتعرّضه لتعذيب شديد. وما يزال مصير مئات آخرين من عمال قطاع غزة مجهولا.

ووثّق المرصد الأورومتوسطي شنّ الجيش الإسرائيلي حملات اعتقال عشوائية طالت أكثر من 1200 من المدنيين الفلسطينيين من مناطق مختلفة من قطاع غزة عقب اقتحام منازل سكنية ومدارس تحوّلت إلى مراكز إيواء لآلاف النازحين.

وفور اعتقالهم، يعمد الجيش الإسرائيلي إلى تجريد المعتقلين من ملابسهم، وتقييد أيديهم، وإجبارهم على الجلوس على ركبهم في مناطق مفتوحة، فيما تُمارس ضدهم أشكال مختلفة من الضرب والمضايقة والحرمان من الاحتياجات الأساسية.

وأفاد الأورومتوسطي أنّه لم يتمكّن من التأكّد من حالات اعتقال لمسلّحين فلسطينيين حتى اللحظة، إما بسبب عدم إعلان الجيش الإسرائيلي عن هويّات المعتقلين وإما لعدم وقوع أحدهم في الأسر، وإما نتيجة عدم رغبة الأهالي بالإبلاغ عن مثل تلك الحالات.

ولفت إلى تعمّد الجيش الإسرائيلي نشر مقاطع مصوّرة وصور صادمة وحاطّة للكرامة الإنسانية للمعتقلين الفلسطينيين وهم شبه عراة ومعصوبو الأعين يجثون على الأرض بحراسة جنود إسرائيليين أو يتم اقتيادهم في حافلات عسكرية إلى أماكن مجهولة.

وأشار المرصد إلى أنّ حملات الاعتقالات العشوائية التي شنّها الجيش الإسرائيلي طالت أطباء وممرّضين وصحفيّين وأشخاص من كبار السن، فضلا عن عشرات النساء، من بينهن “هديل يوسف عيسى الدحدوح” التي ظهرت في صورة تم اقتيادها داخل شاحنة مع مجموعة رجال وهم عراة في مشهد غير إنساني.

وفي هذا الصدد حثّ المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اللجنة الدولية للصليب الأحمر والفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، على الضغط على السلطات الإسرائيلية لكشف مصير المعتقلين من قطاع غزة والإفراج عنهم والتحقيق فيما تعرّضوا له من انتهاكات جسيمة.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *