ثقافة

إيمانويل كانط… آخر فلاسفة عصر التنوير الذي أسّس للقيم

في مثل هذا اليوم 22 أفريل/ نيسان من العام 1724 ولد الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، صاحب كتاب “العقل الخالص”.

وكانط الذي ولد في روسيا هو أحد عظماء الفلسفة، درس الفلسفة وبعض العلوم الأخرى في جامعة كونينغسبيرغ عام 1755 وأصبح أستاذا في المنطق وما وراء الطبيعة عام 1770، ومن أعماله: “عالم ما وراء الطبيعة” و”انتقاد السبب النقي” و”انتقاد السبب العلمي” و”انتقاد الحكم” والعديد من الأعمال الأخرى، وبالنسبة لعمله كعالم لما وراء الطبيعة افترض أن أعظم ثلاث مشاكل تواجه ما وراء الطبيعة هي الله والحرية والخلود، فوجودهم يكون مثبتا أو منكرا أو يكون ظاهرا بوضوح، لكنه أكّد على ضرورة الاعتقاد في وجودهم في فلسفته الأخلاقية.

قام بتدريس الفلسفة في جامعة كونيغسبرغ بصفته بروفيسور في مادة الفلسفة، قضى كامل حياته حيث ولد وهو يبحث بالفلسفة، يلقي المحاضرات الفلسفية ويكتب كتبا تبحث في المنطق والعقل البشري.

أكثر أعماله شهرة هو “العقل الخالص” والذي يجمع من خلاله بين السبب والتجربة ليتخطى بذلك فشل الفلسفة التقليدية وعلوم الماورائيات. وبنظره الفلسفية قدّم نقاشا منطقيا ضدّ مفكرين أمثال ديكارت وبيركيلي وهيوم فيما يتعلق بالمثاليات والشك.

كتب أيضا عدة كتب عن الدين والقانون والفلك والتاريخ والجمال، حيث كانت أفكاره وأعماله مصدر إلهام لعدة مفكرين وتجريبيين ألمان.

وإيمانويل هو الطفل الرابع ضمن تسعة أطفال للأبوين يوهان جورج كانط الذي كان يعمل في تجهيز مستلزمات الأحصنة وأنّا ريجينا كانط.

كان والداه من الأتباع المخلصين لحركة التقوى الدينية وهي أحد فروع الكنيسة اللوثرية في القرن الثامن عشر.

حصل كانط على تعليمه بفضل كاهن محلي رأى إمكانيات محتملة في الشاب فقام بتدبير تعليم لائق له، وخلال دراسته أظهر الفتى اهتماما عميقا بدروس اللغة اللاتينية. وفي العام 1740 سجّل في جامعة كونيغسبرغ لدراسة اللاهوت، ولكن سرعان ما انجذب للرياضيات والفيزياء.

توّفي والده في العام 1746 وبالتالي أُجبر على ترك الجامعة لمساعدة عائلته لمدة عشر سنوات، حيث عمل كمدرس خاص لأبناء الأثرياء، وخلال هذه الفترة نشر عدة أوراق علمية تهدف لاكتشاف الأرضية المتوسطة بين العقلانية والتجريبية، وفي العام 1749 كتب كتابه الأول بعنوان “أفكار حول التقديرات الصحيحة للقوى الحية” وقام بعدة اكتشافات فلكية هامة حول طبيعة دوران الأرض ممّا أكسبه جائزة أكاديمية برلين.

في العام 1755 عاد كانط إلى جامعة كونيغسبيرغ ليتابع تعليمه، وفي العام ذاته حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة، وخلال الـ15 سنة التالية عمل كمحاضر ومدرّس وكتب عدة أعمال فلسفية كبيرة، وفي العام 1770 أصبح بروفسيور بصلاحيات كاملة في جامعة كونيغسبرغ يدرّس المنطق والعلوم ما وراء الطبيعة.

وفي العام 1781 نشر كتاب “نقد السبب النقي” وهو عمل ضخم وواحد من أهم المؤلفات التي تتحدّث عن الفكر الغربي، والذي حاول من خلاله أن يشرح كيف يتفاعل السبب والتجارب مع الفكر والفهم، هذا الاقتراح الثوري شرح كيف يقوم الدماغ بتنظيم التجارب واستخدامها في فهم طريقة عمل العالم.

ركّز كانط على الأخلاق والدراسة الفلسفية للأفعال المعنوية، واقترح قانون أخلاق أسماه “الضرورة الحتمية” والذي يقول إن الأخلاق مشتقّة من العقلانية وجميع الأحكام الأخلاقية مدعومة عقلانيا، ما هو صائب يكون صائبا وما هو باطل يكون باطلا، إذ لا يوجد منطقة رمادية بين الأمرين. والبشر ملزمون باتباع هذه الحتمية بشكل غير مشروط إذا ما أرادوا أن يكونوا أخلاقيين.

وبالرغم من أن “نقد السبب النقي” لم يجذب سوى القليل من الانتباه في عصره، إلاّ ،ن الفيلسوف الألماني تابع صقل نظرياته من خلال سلسلة من المقالات تتضمّن “نقد السبب العملي” و”نقد الحكم” متابعا كتابة الفلسفة حتى وفاته بفترة قصيرة.

لم يتزوّج كانط ولم يحظى بعائلة، بل كرس جلّ حياته للفلسفة وفهم المنطق وطريقة عمل الدماغ البشري لفهم العالم من حوله.

وفي سنواته الأخيرة، كانت حياته متكدّرة بسبب فقدانه للذاكرة، حيث عاش تحت رعاية أخته كاثرينا باربرا إلى أن توّفي في 12 فيفري/ فبراير من العام 1804 عن عمر ناهز الثمانين عاما، ودفن داخل كاتدرائية كونيغسبرغ.