ثقافة

إميل زولا… الأب الروحي للطبعانية

يعتبر إميل زولا من أشهر الكتّاب الفرنسيين في القرن التاسع عشر، الذين وضعوا الأسس الأدبية للمدرسة الطبعانية، وساهموا في تطوير المسرحية الطبيعية.

ويُعدّ أيضا من الشخصيات الفرنسية البارزة التي لعبت دورا في المجال السياسي. واشتهر زولا بسلسلة الروايات الشهيرة “لي روغون ماكار” (أبناء روغون ماكار) التي تتحدث عن أسرة تعيش في عهد الإمبراطورية الثانية، تضمّنت عشرين رواية كتبها على امتداد 25 عاما.

بداية صعبة وشغف بالأدب والفنون

ولد إميل زولا في الثاني من أفريل/نيسان من العام 1840 بالعاصمة الفرنسية، في عائلة إيطالية فرنسية. وأمضى طفولته في آكس أون بروفانس بالجنوب الفرنسي.

وكان والده مهندسا إيطاليا، توفي في عام 1847 وتركه رفقة والدته  يجابهان الفقر، وتدهورت وضعيتهما المادية، وعادا إلى باريس. وهناك قابل زولا الرسام بول سيزان وبدأ الكتابة باعتماد أسلوب رومانسي.

رغبت والدته امتهانه القانون، لكنه لم يكن طالبا متفوقا بل كان شغفه الأكبر بالشعر والأدب والمسرح.

وعمل زولا كاتبا في شركة للنقل البحري، ثم في قسم المبيعات للناشر هاتشيت رغم الأجر الزهيد الذي كان يتقاضاه. وكتب مقالات صحفية عن الأدب والفن، والسياسة أيضا، وكان قاسي الفكر وسليط الرأي في مختلف كتاباته.

رائد المدرسة الطبعانية 

بين عامي 1868 و1870 خطّط زولا لكتابة سلسلته القصصية الطويلة والشهيرة في مجموعة مكوّنة من 20 رواية.

وسعى طيلة سنوات إلى صقل مذهبه في الطبعانية من خلال تعمّقه في الدراسات الفلسفية، خاصة الفلسفة الوضعية الداروينية التي شملت النظريات العلمية لعالم الفيزياء كلود برنار.

وعمل على توسيع المنهج التجريبي المرتبط بالفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية في مجال الأدب والخيال. واعتبر أن المنهج الطبيعي يمكن أن ينتقل كذلك إلى الحياة العاطفية والفكرية. إضافة إلى تأثّره بأصدقائه الكتّاب الفرنسيين مثل غوستاف فلوبير.

“جرمينال”… صرخة الشعب الفرنسي 

تعتبر رواية “جرمينال” من روائع الأدب العالمي. وترجمت  إلى اللغة العربية منذ خمسينيات القرن الماضي.

وفيها طوّع زولا بكلماته لوحات البؤس والشقاء في تلك الحقبة الزمنية لفرنسا بأسلوب فريد ومتميز.

وهي الرواية رقم 13 من رواياته ضمن سلسلة “أبناء روغون ماكار”، وتعدّ من أشهر كلاسيكيات الأدب الفرنسي، بل لعلها أشهر من السلسلة في مجملها، إذ نبش من خلالها في أعماق الواقع الفرنسي ونقل وجع المهمشين ومآسيهم وسط مجتمع برجوازي قامع للحقوق والحريات.  

وتدور أحداث الرواية في بيئة المناجم في القرن التاسع عشر من خلال احتجاج عمّال مناجم الفحم ضدّ الاستغلال الذي يتعرضون له من أرباب العمل. 

وتم نشرها وترجمتها في أكثر من مائة دولة، وألهمت الأفلام السينمائية وغيرها من الأعمال التلفزيونية.

وفي التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول 1902 رحل إميل زولا عن عمر ناهز اثنين وستّين عاما بسبب اختناقه بأول أكسيد الكربون، بعد أن نحت مؤلفاته بين روائع الأدب العالمي. 

وتقول بعض الروايات إنه تعرّض لعملية اغتيال من أحد خصومه السياسيّين، لكن لم تتأكّد هذه الرواية بعد.