رأي عالم

“إسرائيل الكبرى”.. خريطة “المؤسس الثالث” ليست مجرد خيال!

محمد بشير ساسي
إثر تنفيذ حركة حماس عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023 في عمق التجمّع الاستيطاني “غلاف غزة”، ظلّ طيف واسعٌ من المجتمع الإسرائيلي يبحثُ عن إجابات عن المستقبل وأسئلته المصيرية التي استجلبها الهجوم المزلزل، الذي وُصف آنذاك بالاستثنائي وغير المسبوق في سياق الصراع “الفلسطيني-الإسرائيلي” الممتدّ لعقود.
عكس التيار
وبقدر ما أحيت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة ورسائلها العسكرية، والسياسية، والدبلوماسية، والقانونية والإنسانية، القضية الفلسطينية في وجدان العالم وضميره، فإنها في المقابل حوّلت إسرائيل إلى “دولة منبوذة” تقف أمام خطر عزلة دولية غير مسبوقة، كما حرّكت بقوة أحجار الداخل حين أضعفت ثقة الإسرائيليين بقدراتهم العسكرية والاستخبارية، على اعتبار أنّ ما حدثَ حطّم الأوهام بشأن أمنهم بشكل أعمق من أيّ وقت مضى منذ حرب 1973، وأدخلتهم في صدمة جماعية، استحضرت معها المخاوف من لعنة القعد الثامن وقرب زوال إسرائيل قبل حلول الذكرى الـ80 لتأسيسها.
ورغم أنها لم تنجحْ في تغيير “الواقع الإستراتيجي” بعد أشهر من “حرب مُرهقة”، ظلّت حكومة بنيامين نتنياهو تتعمّد الهروب نحو الأمام لكسب الوقت، ملوّحة بـ”نصر كامل” في الأفق القريب، لم تظهر معالمه على الأرض، حيث عجزت عن كسر صمود المقاومة الفلسطينية، واستعادة أسراها وكذلك صورة “الجيش الذي لا يقهر”، ووقف نزيف خسائر اقتصادية جسيمة.
لوهلة مع تصدّع كابينت الحرب وانسحاب بيني غانتس وغادي آيزنكوت الشريكان في حزب “معسكر الدولة” (12 نائبا من أصل 120 بالكنيست)، ساد اعتقاد أنّ نتنياهو -الذي آثر البقاء طويلا في مساحة رمادية لا تستدعي اتخاذ قرارات حاسمة بشأن وقف نزيف الحرب- سيرضخُ لمطالب المحتجين بوقف الحرب بعقد صفقة تبادل للأسرى وكذلك سيستجيب لضغوط المؤسسة العسكرية (رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي ووزير الدفاع يوآف غالانت) من أجل وقف إطلاق النار على جبهتي غزة ولبنان، بسبب الخسائر اليومية في صفوف الجنود والاعتقاد أنه ليس هناك الكثير مما يمكن تحقيقه عسكريا.
لكن نتنياهو حبيس عقيدته الصهيونية – الدينية المتطرفة، اختار التجديف عكس التيار في الداخل والخارج، حتى بلغ الأمر بأنشيل فيفر أحد الكتاب الإسرائيليين إلى وصف “بيبي” في مقال مطوّل بين أعمدة مجلة “أتلانتك” الأمريكية بأنه الأسوأ بين 14 رئيس وزراء عرفتهم إسرائيل خلال أكثر من
7 عقود، وربما سيتذكّره اليهود باعتباره الزعيم الذي ألحق أكبر قدر من الضرر بالشعب اليهودي خلال 21 قرنا.
حلم يتجسّد
بصرف النظر عن الصورة التي تروّج عن نتنياهو (تجاوز الوقت الذي قضاه مؤسس إسرائيل ديفيد بن غوريون في السلطة) بين الأوساط الإعلامية والأكاديمية، كونه رئيس الوزراء الوحيد الذي عقد تحالف مصلحة مع “أكثر المتطرفين عديمي المسؤولية في إسرائيل وجعلهم جزءا لا يتجزأ من حزبه وإدارة الدولة، فإنّ الحقيقة اليوم التي لا يمكن حجبها أو إنكرها تتمثل في أنّ نتنياهو الذي يعدّ شخصا يكرهُ الأخطار ويخشى الحروب، اكتشف الأفضلية السياسية التي تجلبها الحرب الأبدية، وهو يستمر في توسيع “حدود إسرائيل”.
وفي مقال لرئيس تحرير صحيفة “هآرتس” العبرية كتب “ألوف بن”، أنّ “نتنياهو يجسّد حلم “إسرائيل الكبرى” من نتساريم في غزة وحتى قمة جبل الشيخ في سوريا”، مضيفا أنّ “الجيش الإسرائيلي يقترب من هدف وضعه لنفسه خلال سنوات كثيرة في خطط الحرب بجبهة الشمال، وهو تثبيت خط على مدخل العاصمة السورية”.
وأوضح الكاتب أن “ذكر نتنياهو -خلال تقديم شهادته خلال محاكمة الفساد- اتفاقا من عام 1916 بين الدول العظمى الاستعمارية بريطانيا وفرنسا، التي قسّمت بينها أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن، لم يهدف إلى تعليم التاريخ للقضاء، بل هو تلميح بأن منظومة الحدود في المنطقة انتهت”.
يبدو واضحا أنّ نتنياهو يعمل على تشكيل إرثه كزعيم قام بتوسيع حدود إسرائيل بعد خمسين سنة على الانسحاب والتقلص”، وأنّ التأييد المتوقع من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سيعزّز طموحات إسرائيل الجغرافية.
فكل الدلائل الآن توحي بأن نتنياهو يريد أن يتم ذكره بأنه مجسد “إسرائيل الكبرى”، وليس فقط متّهما بالرشوة ومتآمرا سياسيّا تخلّى عن مئة مخطوف في غزة وأوصل إسرائيل إلى حافة التهديد الوجودي.
وفي هذ السياق يقول الصحفي والكاتب الفلسطيني قسام معادي في مقال نشر بموقع “موندويس” الأمريكي، إنّ الطموحات الإقليمية الواسعة لإنشاء “إسرائيل الكبرى” تبدو ذات يوم مجرد خيال صهيوني يميني، وإنّ الخرائط المستخدمة لوصف الرؤية غالبا ما تعكس قصصا توراتية يعتبرها العديد من الصهاينة مجرد تاريخ. واليوم، تظهر الأحداث الجارية في غزة ولبنان وسوريا أنه قد تكون هذه الرؤية أقرب للتحقّق مما كان يعتقد الكثيرون.
وتابع بالحديث أنه بينما دفعت إسرائيل قواتها إلى عمق الأراضي السورية الخاضعة للسيادة بعد سقوط نظام بشار الأسد، عاد مصطلح “إسرائيل الكبرى” إلى الظهور في التغطية الإعلامية.
دوافع محفّزة
بصورة عامة، يدور مصطلح “إسرائيل الكبرى وفكرة الدولة اليهودية التي تتوسّع لتشمل أراضي تتجاوز فلسطين التاريخية وأجزاء كبيرة من الشرق الأوسط في فلك عدة خلفيات لم تعد مخفية اليوم، وقياسا بالتغيّرات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة، بات المشهد عموما محكوما بدوافع محفّزة لـ”إسرائيل نتنياهو” من أجل تحقيق الأحلام الصهيونية التي تراود اليهود المتطرفين و”الصهيونية الدينية” عبر القرون.
– مشروع إسرائيل الكبرى هو في الواقع تناسخ مفترض لادّعاءات يهودية بأنّ نصوصا توراتية تتحدّث عن وعد قطعه الله لإبراهيم عليه السلام أن يعطيه ونسله أرض فلسطين، وأنّ اليهودية في جوهرها دين ميثاق وعهد بين الشعب والله، ومن بين تلك النصوص ما جاء في سفر التكوين: “أما أنا فهودا عهدي معك، وتكون أبا لجمهور من الأمم، فلا يدعي اسمك بعد أبرام بل يكون اسمك ابراهيم… وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدي في أجيالهم عهدا أبديا لأكون إلها لك..، وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكا أبديا”وفي نص أخر:” قطع الرب مع أبرام ميثاقا قائلا لنسلك أعطي هذه الأرض من وادي العريش (بمصر) إلى النهر الكبير نهر الفرات (بالعراق)، أرض القينيين والقنزيين، والقدمونيين والحثيين والفرزيين والرفائيين والأموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين”.
فالأرض عند اليهود تضفى عليها صفة القداسة، لأنهم شعب مقدس كما يدعون، وبالتالي تقوم وحدة مقدسة بين الأرض، والشعب، و الإله، لذا فإنّ ارتس إسرائيل (فلسطين) تسمى أرض الرب وهي الأرض التي يرعاها الإله، ثم هي الأرض المختارة، وصهيون التي يسكنها الرب والأرض المقدسة التي تفوق في قدسيتها أي أرض أخرى، كما جاء في التلمود: “الواحد القدوس تبارك اسمه قاس جميع البلدان بمقياسه ولم يستطع العثور على أيّ بلاد جديرة بأن تمنح لجماعة يسرائيل سوى أرض ارتس إسرائيل”.
 من خلال هذه الحيلولة الإلهية تعمّق ارتباط اليهود بالأرض ارتباطا وثيقا إلى درجة التقديس، وهذا ما أكّده المفكر اليهودي الحاخام (راشي Rachi)، حين تحدث عن فكرة خلق الكون في التوراة بقوله: “إنّ الله يخبرُ إسرائيل والعالم أنه الخالق لذلك فهو صاحب ما يخلق، يوزّعه كيفما شاء، فإذا قال الناس لليهود أنتم لصوص لأنكم غزوتم أرض إسرائيل وأخذتموها فإنه يمكن لليهود أن يجيبوا بقولهم: إنّ الأرض مثل الدنيا والأفضل من هذا وهو قد وهبها الله لنا”.
– هذه المعتقدات حملها وأصّل لها قادة الحركة الصهيونية منذ بدايتها قبل أكثر من 120 عاما، فمؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل، حين أعلن مشروعه التوسّعي عام 1904، زعم أنّ “حدود دولة إسرائيل تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات”.
وفي “وعد بلفور” عام 1917، وعدت بريطانيا بإنشاء “وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”، ووُصِف اسم “فلسطين” بشكل أساسي الأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، بحدود متفاوتة، ولكن نظرا لأن الحدود لم يتم تحديدها بعد في بلاد الشام العثمانية آنذاك، كان ينظر إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن على نطاق واسع على أنها امتداد لفلسطين.
وعلى النحو ذاته، طالبت عصابة “أرغون” الصهيونية المتطرفة، التي ظهرت خلال فترة الانتداب البريطاني بأرض فلسطين (1922- 1948) والتي أُدمجت في الجيش الإسرائيلي لاحقا، بأن تكون دولة فلسطين التاريخية والأردن دولة يهودية يطلق عليها اسم “إتسل”.
– بعد إنشاء إسرائيل عام 1948، أفسحت المناقشات النظرية المجال للبراغماتية السياسية. لم تدرج إسرائيل أبدا “إسرائيل الكبرى” في خطابها الرسمي، ولم تطالب رسميّا أبدا بالحق في جعل الأراضي العربية خارج حدود عام 1948 جزءا من ملكيتها الخاصة، حتى بعد احتلالها الضفة الغربية وغزة وصحراء سيناء ومرتفعات الجولان السورية عام 1967، حيث اعتبر هذا الخطاب أنّ هذه الأراضي خاضعة للإدارة لأسباب أمنية، حتى ضمت إسرائيل الجزء الشرقي من القدس والجولان في أوائل 1980.
ومع ذلك، بما أنّ إسرائيل لم تحدّد حدودها أبدا، فإن فكرة “إسرائيل الكبرى” ظلت في مخيلة الإسرائيليين اليمينيين المتدينين وأخذها بعض المتطرفين بجدية أكبر.
بعد عام 1967، بدأ اليمين الديني يزداد قوة وخاصة في السبعينيات والثمانينيات. وكان أحد المعتقدات التي اكتسبت زخما في هذه الفترة هو الاتجاه المسياني الذي يرى توسّع إسرائيل خارج حدودها جزءا من تحقيق نهاية الأزمنة، ومجيء المسيح اليهودي. وقادت هذه الحركة الاستيطان في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة، وغالبا ما كانت ترسم خططا تعتمدها الدولة لاحقا.
ومن أخطر المخططات الصهيونية في هذا السياق خطة “ينون” التي كتبها عوديد ينون، الصحفي والدبلوماسي ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون.
وظهرت هذه الخطة للمرة الأولى في مجلة “كيفونيم” (اتجاهات) التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية في فيفري 1982، واستندت إلى رؤية هرتزل ومؤسسي دولة الكيان الصهيوني نهاية الأربعينيات، ومنهم الحبر اليهودي فيشمان.
وأعاد موقع مركز دراسات العولمة الأمريكي “غلوبال ريسيرش” نشر الوثيقة بعد ترجمتها إلى الإنجليزية في 7 نوفمبرى 2015. وقال عنها محرّر الموقع ميشيل شوسودوفسكي إنها تتعلق بإقامة “إسرائيل الكبرى”، وتشكّل حجر الزاوية في سياسات القوى السياسية الصهيونية الممثلة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذلك في سياسات مؤسستي الجيش والاستخبارات بإسرائيل.
وأشار إلى أنّ هذه الخطة تركّز على إضعاف الدول العربية وتقسيمها لاحقا في إطار المشروع التوسّعي الصهيوني، وعلى الاستيطان بالضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من فلسطين وضم الضفة وقطاع غزة لإسرائيل.
وأضاف أنّ “إسرائيل الكبرى” ستضم أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر والسعودية، وستنشئ عددا من الدول الوكيلة لضمان تفوقها في المنطقة، وأنّ وثيقة “ينون” هي استمرار لمخطط الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط.
وأوضح أنّ إقامة “إسرائيل الكبرى” تتطلّب تفتيت الدول العربية القائمة حاليا إلى دويلات صغيرة، تصبح كل منها معتمدة على إسرائيل في بقائها وشرعيتها، لأن الأخيرة لا تستطيع الاستمرار في البقاء إلا إذا أصبحت قوة إقليمية مهيمنة “إمبريالية”.
وتدعو الوثيقة إلى تقسيم العراق إلى دولة كردية ودولتين عربيتين، واحدة للشيعة وأخرى للسنة، وأيضا تقسيم لبنان وسوريا وإيران والصومال وباكستان، إضافة إلى تقسيم دول شمال إفريقيا، وعلى رأسها مصر والسودان وليبيا وبقية المنطقة. وسيتم تقسيم الدول العربية وغيرها على أسس عرقية أو طائفية وفقا لحالة كل دولة.
– بروز جيل جديد متطرّف في إسرائيل وسيطرته على المشهد السياسي ضمن حكومة ائتلافية الأشدّ تطرفا في التاريخ ضمت أبرز أسماء (على غرار وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش) تتبنّى مشاريع فاشية ليس فقط في ما يخص القضية الفلسطينية والموقف من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وإنما أيضا في كثير من القضايا التي تخصّ المجتمع اليهودي الإسرائيلي.
وقد شدّدت هذه الشخصيات على يهودية الدولة وعلى أنّ “للشعب اليهودي الحق الحصري غير الخاضع للطعن على جميع أنحاء فلسطين”، وأنه “سيتم فرض السيادة على يهودا والسامرة مع اختيار الوقت المناسب ومع الأخذ في الاعتبار الحسابات القومية والدبلوماسية لدولة إسرائيل”.
وأكّدت كذلك تعزيز الاستيطان اليهودي في مناطق فلسطين المختلفة، ولا سيما في القدس والضفة الغربية والجليل والنقب وأيضا في الجولان السوري المحتل، الذي ستعمل على الاعتراف به بصفته منطقةً إستراتيجية ذات إمكانيات كبيرة للتطوير ولتعزيز الاستيطان اليهودي فيه. وشددت أيضًا على أنّ إسرائيل ستمضي قدمًا في تطبيع علاقاتها مع الدول العربية وفي توسيع اتفاقيات أبراهام، لتشمل دولا عربية جديدة.
المؤسّس الثالث
يفهم مما سبق ذكره أنّ “الاستعلائيّة الاستعمارية” التي تحرّك نتنياهو، تجاوزت تصريحاته الصاخبة لتترجم إلى أفعال على أرض الواقع توافقا مع أفكار ورؤية لزعيم حزب الليكود التي روّج لها في كتابه “مكان بين الأمم”: إسرائيل والعالم قبل ثلاثة عقود، وقد اعتبر مثالا صارخا، على مضامين الفكرة الصهيونية، التي لا تتغيّر بتضاريس الزمان أو المكان، وأنموذج للعقلية التي تحجّرت عند منطق القوة، الذي سفح التاريخ، وطمس الجغرافيا، ليبرز من بين أطلالهما شعب الله المختار، الذي دانت له حضارات الأمم، ونطقت باسمه الديمقراطية، وشُدت الرحال إلى أعتابه طلبا للعلم والمعرفة، شخوصه هم الكمال بعينه، وفيما عداهم رعاع، خدم.
يقينا لخّصت كلمة نتنياهو الذي يطلق على نفسه “المؤسس الثالث لإسرائيل” أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي ما ينتظر الفلسطينيين والمنطقة بشكل عام، فبكثير من التبجّح والغرور، تقمّص شخصية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل حين أخبر البريطانيين: “ليس لديّ ما أقدمه لكم سوى الدم، والدموع، والعرق، والتعب”.
واستحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي (الذي بات يؤمنُ أنه في “مهمّة إلاهية” لحماية الشعب اليهودي) في ذلك الخطاب من التوراة ما يدعم رؤيته للمرحلة، قائلا: “نحن اليوم أمام الخيار نفسه الذي وضعه موسى أمام بني إسرائيل منذ آلاف السنين، إما أن نورث الأجيال القادمة بركة أو لعنة”.
عبارات لخّصها نتنياهو حين عرض على المنبر الأممي خريطتين: إحداهما تحت عنوان “البركة” تُظهر إسرائيل تعيش في سلام مع بعض جيرانها العرب -وفق تقديره- بينما تحمل الخريطة الأخرى عنوان “اللعنة”، حيث تجسّد إيران رأس ما أطلق عليه “محور الشر” الذي يضم العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، متعهّدا بهزيمة “هؤلاء الأعداء”، ومؤكّدا أنّ خيارُه سيؤدّي إلى مستقبل مُشرق من السلام والازدهار.