رياضة

أيوب الحفناوي.. خفايا انتكاسة السبّاح العالمي 

دفع ثمن إهمال المسؤولين ودعم غزة.. الحفناوي يسقط من منصة التتويج العالمية إلى لائحة مخالفي قوانين المنشطات 
ما زالت قضية عقوبة السباح الأولمبي التونسي أحمد أيوب الحفناوي لغزا يحيّر الجمهور الرياضي.
فبعد أن كان البطل الشاب يتداول على منصات التتويج العالمية والأولمبية غاب فجأة عن الأضواء ليظهر اسمه في لائحة المخالفين للوائح مراقبة المنشطات.
وصدرت في حق  الحفناوي في ماي الماضي عقوبة الإيقاف لمدة 20 شهرا، بسبب تخلّفه عن الاختبار في ثلاث مناسبات متتالية.

إهمال المسؤولين

لا يعدّ أيوب الحفناوي والأزمة التي اعترضته في بداية مسيرته سوى نموذجا لمعاناة أبطال الرياضات الفردية في تونس.
السباح الشاب صاحب الـ21 عاما وجد نفسه تحت أضواء النجومية فجأة بعد ذهبية أولمبياد طوكيو صيف 2021 ثم تلتها ميداليات مونديال اليابان، فلم يستوعب المرحلة الجديدة في مسيرته الرياضية وحياته بشكل عام.
ومع صغر سنه وتجربته لم يتأقلم الحفناوي مع العالم الجديد الذي أحاط به، من ذلك سفره إلى الولايات المتحدة للدراسة، حسب تصريح رئيس اللجنة الوطنية الأولمبية محرز بوصيان.
لا يُسأل الحفناوي وحده عن تعثّر مسيرته في بدايتها، بل المسؤولية تتحمّلها الهياكل المشرفة، وفي مقدمتها الجامعة التونسية للسباحة التي أهملت السباح الصاعد.
يقول مصدر خاص لبوابة تونس، إنّ “المكتب الجامعي السابق بقيادة الهادي بلحسن، كان يُعارض مسألة خروج الحفناوي للدراسة والتدريب في الولايات المتحدة بإيعاز من المدرب سامي عاشور، وهو صهر رئيس الجامعة”.
ويضيف مصدرنا: “في ظل إصرار المدرب جبران الطويلي على السفر للعمل في ليكسمبورغ، تمسك عاشور بتدريب الحفناوي في تونس وتقاضي جراية 15 ألف دينار شهريا”.
ورغم اهتمام الجامعة بمصالح شخصية، سافر الحفناوي إلى الولايات المتحدة واستقر هناك، لكنها بوادر حقيقية لأزمة البطل الأولمبي.

ثمن دعم غزة

في سنته الأولى في جامعة إنديانا الأمريكية بين الدراسة والتدريب، لم يُضمر أيوب الحفناوي دعمه لفلسطين مع اندلاع العدوان الإسرائيلي.
وعلى غرار عدد من نجوم الرياضة في العالم، خرج حاملا ذهبية طوكيو في مقطع فيديو ليعلن مساندته القضية الفلسطينية وإدانة الاحتلال.
ويقول السباح: ”نؤمن بأن النصر سيكون حليف أشقائنا في فلسطين، عاشت فلسطين أبية أبد الدهر”.
ويبدو أنّ هذا الموقف لم يمرّ دون أن يدفع الحفناوي الثمن، فقد وجد نفسه أمام حملة في جامعته الأمريكية من قبل الطلبة خاصة، حتى أنهم وصفوه بـ”الإرهابي”.
لم يحتمل أيوب الحفناوي الوضع الجديد والحملة العنصرية في الجامعة ليتخذ القرار الصعب الذي سيكون لاحقا سببا في العقوبة.

الأسباب المباشرة للعقوبة

يفرض قانون مكافحة المنشطات في العالم نخبة نجوم الرياضات الفردية خاصة بضرورة تحيين أماكن إقامتهم بشكل دوري حتى تتمكّن فرق المراقبة من التنقّل حيث يوجد الرياضي كل ما حان موعد الاختبارات.
لكن في وضعية أيوب الحفناوي، لم يكن الأمر ملائما للوائح، حيث قرّر السباح الشاب ترك جامعة إنديانا بعد حملة العنصرية، وانتقل إلى كاليفورنيا رفقة أصدقاء له من مصر وواصل تدريباته هناك مع السباح مروان القمّاش.
في الأثناء، نسي الحفناوي تحيين مكانه ولم يرسل مكان إقامته الجديد في كاليفورنيا، حتى جاء موعد الاختبار، حيث لم يجده فريق وكالة مراقبة المنشطات في جامعة إنديانا، لتسجل ضده المخالفة الأولى ويُرسل إليه تنبيها رسميا.
و”أمام لا مبالاة الجامعة التونسية للسباحة وتقصيرها في أداء واجب تنبيه الرياضي والحرص على تذكيره بضرورة تحيين مكان إقامته، تكرّر الخطأ، عندما غادر كاليفورنيا إلى تونس ومنها إلى قطر لخوض المونديال دون إعلام وكالة مكافحة المنشطات، لتسجل ضده المخالفة الثانية”، وفق ما كشفه لنا مصدر رفض الكشف عن هويته.
وظهر تأثير المشاكل التي سبقت على نتائجه في بطولة العالم بالدوحة العام الماضي، حيث فقد مكانه في المنافسة على سباقات 1500 و800 و400 متر سباحة حرة.
بعد بطولة العالم التحق أيوب الحفناوي بفرنسا ليقيم مع السباح أحمد الجوادي ويحاول استعادة مستواه، خاصة بعد فقدان تأشيرته الجامعة في إنديانا.
وبعد فترة في فرنسا عاد إلى تونس بتوجيهات من مدرب فرنسي نصحه بضرورة التمتّع بقسط من الراحة، بالنظر إلى وضعه النفسي.
وككلّ مرة يغادر الحفناوي مقر إقامته الجديد دون إعلام، حتى جاء موعد الاختبار الثالث، حين توجّه فريق مكافحة المنشطات إلى منزل أحمد الجوادي ليتم إعلامه بأن أيوب الحفناوي لم يعد مقيما هناك.
وأمام تسجيل الغياب للمرة الثالثة على التوالي، طبّقت وكالة مكافحة المنشطات القانون على السباح التونسي وأصدرت عقوبتها في ماي 2024، لتبعده عن أولمبياد باريس وبطولة العالم في بودابست ويأفل نجمه في المسابح العالمية.
وحسب القانون العالمي، فإنّ التخلّف عن مواعيد مراقبة المنشطات عقوبته تعادل في بعض الأحيان، عقوبة مستهلك المواد المحظورة، إذ يُفسّر غياب الرياضي على الاختبار على أنه استهلك مادة منشطة ويخشى رفع العيّنة.

العقوبة المضاعفة 

رغم أنّ السبّاح لا يتحمّل كامل المسؤولية في ما حصل له، فإنه لم يلق الإحاطة اللازمة من المسؤولين لتجاوز أزمته أو التخفيف من وطأتها عليه.
يقول مصدر إنّ الحفناوي حُرم من عقد الأهداف ومنحة وزارة الرياضة سنة 2024، حتى أنه أصبح يدفع تكاليف إقامته وتدريباته كافة على حسابه الخاص وهو ما عقّد وضعه النفسي والذهني.

محاولات تجاوز الأزمة

رغم العقوبة يواصل أيوب الحفناوي التدريب في فرنسا تحت إشراف مدرّبين محترفين للمحافظة على جاهزيته ليرفع التحدّي قبل العودة للمنافسة.
في الأثناء، تسعى اللجنة الوطنية الأولمبية والمكتب المؤقت المشرف على جامعة السباحة على إعداد ملف قانوني لإقناع الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بأن الحفناوي لم يتخلّف بشكل متعمّد وأنه مرّ بالظروف السابق ذكرها منعته من تحيين مكان إقامته.
وتطمح تونس إلى تقليص عقوبة السباح الشاب إلى 12 شهرا عوضا عن 20 شهرا.