ثقافة

أيام قرطاج السينمائية تحيي ذكرى غودار وترينتينيان

كشفت الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية عن اسمي اثنين من نجوم السينما العالمية اللذان سيقع تكريمهما في دورتها الثالثة والثلاثين، وهما: المخرج جان لوك غودار والممثل جان لوي ترينتينيان.

وسيضرب أحباء الفن السابع موعدا، مع فيلمين هادفين من أفلامهما تطرح أفكارا عميقة، تتسلّل إلى عقل المشاهد بسلاسة وتعيد بناء نظرته للحياة.

مخرج رائد

سيقع تكريم جان لوك غودار (1930-2022) من خلال فيلمه “بيرو المجنون” المأخوذ عن رواية لليونيل وايت بعنوان “الهوس”، والذي أثار ضجة -منذ إصداره في عام 1965- وأحدث ثورة من حيث التجديد على مستوى الشكل والمعنى.

وشهد الفيلم ثناء النقاد فور عرضه للمرّة الأولى بمهرجان فينيسيا في عام إنتاجه، ليتوّج بجائزة الأسد الذهبي، وتحصّل بطله جان بول بلموندو على جائزة “البافتا” البريطانية لأفضل ممثل. واختزل الفيلم ردود أفعال الأبطال، في علاقة بما يحيط بهم من أحداث وظواهر اجتماعية.

وتدور أحداث “بيرو المجنون” حول قصة رجل ينتمي إلى البرجوازية، يعمل في الإنتاج التلفزيوني متزوّج وله أطفال، قرّر فجأة هجران حياته القديمة والهروب مع صديقته السابقة، ليخرج الأمر عن السيطرة ويتطوّر الصراع الحاد بين البطل وصديقته، في إطار الهرب من العالم والبحث عن السعادة.

ويُعدّ غودار من أكثر المخرجين تأثيرا في عالم الفن السابع، في رصيده أكثر من مئة فيلم، حصد خلال مسيرته العديد من الجوائز، أبرزها جائزة أوسكار عام 2011 عن مجمل مسيرته الفنية.

ومن أهم الأفلام التي أخرجها فيلم “الجندي الصغير” الذي تمّ منع عرضه في قاعات السينما عام 1963، -بسبب تصويره للتعذيب كعقوبة تفرضها الحكومة- وبمجرّد عرضه لأول مرة أثار الفيلم صدمة في فرنسا.

بعد معاناة مع المرض الخبيث اختار المخرج السويسري الفرنسي، أن يغادر الحياة بإرادته، وطلب من السلطات المعنية تمكينه من الموت الرحيم، وأوصى قبل وفاته ألاّ تقام له مراسم جنازة رسمية وأن يحرق جثمانه، وكان له ذلك في 12 سبتمبر/أيلول 2022.

ممثل استثنائي

سيشَمل التكريم أيضا أحد أشهر الممثلين الفرنسيين جان لوي ترينتينيان (1930-2022)، عن فيلمه “لا أستطيع الانتظار إلى يوم الأحد” الذي عرض عام 1983 من إخراج فرانسوا تروفو.

ويطرح الفيلم الكوميدي قصة وكيل عقارات مشتبه به ظلما، في ارتكاب جريمة قتل، ويواجه البطل عديد التحديات لإثبات براءته، وفي الأثناء يكتشف حقائق مروّعة.

أما عن الممثل ترينتينيان فقد عرفت حياته العديد من المنعرجات، حيث كان أول ظهور له كممثل في سن العشرين، ليلتحق بعدها بالخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي، وتزامنت نشأته مع اندلاع الحرب العالمية، وما تركته من أثار مؤلمة وتداعيات خطيرة على الأفراد، سيما وأن ترينتينيان تمّ إرساله كمجند شاب إلى الجزائر التي أصبحت في ما بعد مُستعمرة فرنسية قبل أن تتحرّر من جديد، ورجّح النقاد أن يكون ما عايشه في فترة التجنيد ساعده في إتقان الأدوار المُركّبة.

وعلى مدى أكثر من ستة عقود، كان له النصيب الأوفر من أدوار الخارجين عن القانون والمجرمين، حقّق بها العديد من النجاحات، وتحصل على مجموعة من التكريمات جعلت منه أحد أشهر الممثلين الفرنسيين.

عرفت حياته الشخصية العديد من الفواجع، كسب من خلالها تعاطفا جماهيريا خاصة في عام 2003، بعد وفاة ابنته نتيجة العنف الشديد الذي تعرّضت له من قبل صديقها.

وهزت وفاة ابنته كيانه وطغى عليه الحزن وشُهد أكثر من مرة يبكي بحرقة لفقدانها. وكان ترينتيان فَقد قبل عقود من الزمن ابنة أخرى وهي في سن الطفولة.  

وبعد مسيرة حافلة قدّم فيها أكثر من مائة فيلم فارق جان لوي ترينتينيان الحياة عن عمر ناهز 91 عاما في الـ17 من جوان/يونيو 2022.