انطلقت، الاثنين 13 مارس، الجلسة العامة الافتتاحيّة لمجلس نواب الشعب، برئاسة أكبر النوّاب سنّا صالح المباركي وبمساعدة أصغرهم سنّا غسّان يامون، وأصغرهنّ سنّا سيرين بوصندل. 

ويُذكر أنّ تونس شهدت محطّات مهمّة في تاريخ البرلمان التونسي، إذ مثّل مجلس النواب أوّل مؤسّسة تشريعية في البلاد أفرزتها أعمال المجلس القومي التأسيسي، وانتهت بالمصادقة على الدستور في الأوّل من جوان 1959، الذي خطّ مسار البلاد نحو الديمقراطية وحدّد آلياتها.

البرلمان بزعامة بورقيبة

أُحدث بعد استقلال البلاد في 20 مارس 1956 بأيّام قليلة المجلس القومي التأسيسي التونسي المكوّن من 98 عضوا في 25 مارس

من العام ذاته، وعقدَ جلسته الافتتاحيّة في 8 أفريل 1956.

وكانت المهمّة الرئيسيّة للمجلس القومي التّأسيسي، سنّ دستور لتونس تمّت المصادقة عليه في غرّة جوان 1959.

وأقرّ رسميّا النظام الجمهوري وألغى الحكم الملكي، وأعطى للشّعب حقّ انتخاب ممثّليه في مجلس الأمّة، وعاشت تونس أوّل انتخابات في تاريخها في نوفمبر 1959.

وتغيّرت تسمية مجلس الأمّة في 9 جوان 1981 إلى مجلس النوّاب، وهو المجلس الوحيد للسلطة التشريعيّة في تونس إلى غرّة جوان، تاريخ إحداث مجلس المستشارين بعد استفتاء تعديل الدّستور في ماي 2002.

وطوال فترة حكم بورقيبة لم تتمكّن الأحزاب المعارضة من دخول البرلمان التونسي، لأنّه عرف تبعيّة مطلقة للسّلطة الحاكمة التي أدارت من خلال وزارة الدّاخليّة، على امتداد 31 عاما، الانتخابات التشريعيّة وفرز الأصوات وإعلان النّتائج.

وكانت قيادات تونسيّة سابقة كشفت عن طرق تزوير الانتخابات خلال فترة حكم بورقيبة التي شملت التّضييق على المرشّحين المنافسين، وضبط نتائج الانتخابات مسبقا وتغيير محاضر فرز الأصوات لمصلحة الحزب الحاكم، فضلا عن تكريس إمكانيّات الدولة لمصلحته.

وفي هذا السّياق أفاد سابقا سالم المغروم -مساعد الوالي بولاية جندوبة (شمال غرب تونس) في فترة إجراء انتخابات 1981- أنّه “كان حاضرا بعمليّة تزوير خلال عمليّة الإحصاء، وأنّه بعد انسحاب ممثّلي المعارضة وبالأساس حركة الاشتراكيين الديمقراطيّين من قاعة الفرز، جاءت القرارات بألّا ينجح هذا الحزب في الاستحقاق الانتخابي وألّا يحصل على نسبة تتجاوز 3%”.

وأوضحت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، في تعقيب على هذه الشهادة، أنّه بعد الحصول على المحاضر الأصليّة للعمليّة الانتخابيّة في محافظة جندوبة، تبيّن أنّ النّتائج تعطي نسبة 52% للحزب الحاكم و46% لحركة الاشتراكيين الديمقراطيين.

انفتاح سياسي ثمّ استنساخ لسياسة بورقيبة

بدأت عام 1987 بعض بوادر الانفتاح كالسّماح للإسلاميّين بممارسة نشاطهم السياسي من خلال توقيع 6 أحزاب معارضة على “ميثاق وطني” مع حكومة بن علي، مكّنت 350 مرشّحا من دخول غمار المنافسة على 141 مقعدا برلمانيّا، لكنّها سرعان ما تلاشت واستنسخت بعض المبادرات نفسها من جديد، إذ استأثر حزب التجمّع الدّستوري الديمقراطي بزعامة بن علي على المجلس لمدّة 24 عاما.

وكان بن علي قام في الأوّل من جوان 2002 بتعديل دستوري على مكوّنات السلطة التشريعية، إذ أحدث مجلس المستشارين عام 2005، وعيّن أعضاءه من الجماعات المحليّة التّابعة للحزب الحاكم ومن المنتمين إلى المنظّمات المهنيّة.

مسار الثورة التونسيّة

إبّان الثورة التونسية عرف البرلمان التّونسي مسارا جديدا تمّ خلاله حلّ مجلس النواب ومجلس المستشارين في 23 مارس 2011.

وتمّ انتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر من العام نفسه، الذي عقد أولى جلساته في 22 نوفمبر 2011.

وانتظمت انتخابات مجلس نواب الشعب الذي عقد أولى جلساته بـ217 عضوا يوم 2 ديسمبر 2014 وواصل أشغاله لدورة كاملة برئاسة محمد الناصر، الّذي تولّى رئاسة الجمهورية بالنّيابة في 25 جويلية 2019 إثر وفاة الباجي قايد السبسي.

وفي السادس من أكتوبر 2019 تمّ الإعلان عن التركيبة الحزبيّة للمجلس حسب دستور 2014.

وعاشت تونس انتخابات رئاسيّة سابقة لأوانها في دورتين أسفرت عن فوز قيس سعيّد برئاسة البلاد، ثمّ جاءت الانتخابات البرلمانيّة التي أفرزت برلمان 2019 المكوّن من 217 عضوا برئاسة راشد الغنوشي.

وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية 41,3%، وفق التقديرات الرسميّة الّتي صرّحت بها الهيئة العليا للانتخابات.

حلّ البرلمان بأمر رئاسي

قرّر سعيّد في الخامس والعشرين من جويلية 2022 إنهاء المدّة النيابية للبرلمان وتعليق أشغاله، وحلّه في ما بعد بأمر رئاسي في 30 مارس 2022.

وأصدر دستورا جديدا للبلاد بعد عرضه في 25 جويلية 2022 على الاستفتاء.

وتمّ وفق أحكامه تنظيم انتخابات تشريعية في دورتين أفرزت مجلسا نيابيّا جديدا يتكوّن من 167 عضوا يباشر اليوم 13 مارس 2023 أشغاله.