تونس عالم

أهالي قابس بلوعة: هوية المدينة احترقت!

بدل رائحة البخور تصاعدت أعمدة الدخان، وأضحت الحناء والملوخية وغيرها من المنتجات رمادا.

يقف أهالي ولاية قابس بذهول وحزن وأسف على سوق الحناء بمنطقة جارة وسط المدينة على الشارع الرئيسي الحبيب بورقيبة، بعد الحريق الهائل الذي اندلع به صباح عيد الفطر الاثنين 2 ماي/مايو.

لا عيد في قابس

“نحن مصدومون”، “لقد نغّصوا احتفالنا بالعيد”، “انتهت قابس”… بهذه الكلمات تحدث إلينا أهالي مدينة قابس معبّرين عن صدمتهم مما حدث لأن سوق جارة وجه المدينة وأهم مركز تجاري فيها وهو أيضا الوجهة السياحية الرئيسية في الولاية، وفق قولهم.

إحدى السيدات تحدثت إلينا باكية بحرقة عن الدمار الذي حل برمز المدينة وشوّهه قائلة :”لقد اطفأوا نور مدينتنا”.

“القوابسية” (أهالي قابس) استبعدوا أن يكون الحريق حادثا عرضيا وقالوا إنه بفعل فاعل لا يريد الخير للولاية. وتحدث البعض عن حسابات سياسية قد تكون وراء هذا الدمار الذي حل بالسوق.

انتقادات كبيرة وجهت كذلك للحماية المدنية، فوحدات الإطفاء لم تتدخل بالسرعة والنجاعة اللازمتين، وفق تعبير بعض المواطنين.

بعض شهود العيان أكدوا لـ”بوابة تونس” أن الحماية المدنية “تأخرت ولم تتسلح بالمعدات الكافية للسيطرة على حريق بهذا الحجم مما جعل النيران تتسرب إلى سلسلة الدكاكين وتلتهم أكثر من عشرين محلا تجاريا”.

تقول سيدة إنه من غير المعقول أن تمتد النار إلى كامل السوق وتعجز وحدات الإطفاء عن السيطرة عليها.

خسائر فادحة

رغم أن الحريق لم يخلف خسائر بشرية، إلا أن الخسائر المادية تقدر بمئات آلاف الدنانير وفق تقديرات التجار.

التجار المتضررون من الحادث وجّهوا نداء استغاثة إلى السلطات من أجل إعادة ترميم مورد رزقهم وإعادة السوق إلى سالف نشاطها في أقرب وقت.واشتكى التجار من وضعهم المادي الصعب في ظل التزاماتهم مع المؤسسات المالية في الدولة ومع مؤجّري المحلات.

واعتبر بعض التجار أن الحريق قصم ظهر الموسم السياحي في قابس، باعتبار أن السوق كانت تستعد لاستقبال السياح خلال الفترة القادمة نظرا لصبغتها التقليدية وميزة منتجاتها ومعمارها الجميل.

كما رفض آخرون بعض المقترحات التي تداولها البعض، على غرار تهيئة مساحة للنشاط في مكان آخر من المدينة، وقال أحدهم:”لن نغادر السوق”.

حس تضامني لافت

من اللافت للانتباه في قابس الحس التضامني الكبير الذي أظهره الأهالي من أجل مدينتهم، فالجميع مستعدون للمساهمة في التعويض للتجار وترميم السوق، إذ دعوا إلى حملة تنظيف ثم جمع التبرعات للمساهمة في شراء السلع واستئناف نشاط السوق في أقرب وقت.

تقول إحدى السيدات: “جئت اليوم لأنطلق في عملية التنظيف وأدعو نساء قابس الحرفيات إلى مضاعفة الجهد لتزويد السوق بالسلع وإعادة إحياء تلك الصورة الجميلة في جارة”.

أما السلطات الرسمية، فكانت ممثلة بمعتمد المدينة والمدير الجهوي للتجهيز والفرق الفنية من بلدية قابس ومعهد التراث، التي قيّمت الأضرار ورفعت تقريرا إلى خلية الأزمة التي تتابع الحادثة.