بعد هجوم نيس الإرهابي، ظهر تسجيل على مواقع التواصل الاجتماعي منسوب لتنظيم جهادي غير معروف، يطلق على نفسه “جماعة أنصار المهدي بتونس والمغرب العربي”.
التسجيل تضمن إعلانًا عن تبني التنظيم المذكور هجومَ نيس، ما خلق تساؤلاتٍ عديدة عن ارتباطاته بتنظيم داعش أو القاعدة.
تفاصيل لم يكشف عنها المتحدث في الفيديو المقتضب، والذي لم تتجاوز مدته دقيقة وعشر ثوان، مكتفيًا بتزيل العملية كرد على الرئيس الفرنسي ماكرون “بسبب إيذائه للمسلمين” ومتعهدًا “بالانتقام و قطع رؤوس الكفر”.
تساءل مراقبون وخبراء في التنظيمات المتطرفة عن “التنظيم المجهول”، وجرأة المتحدث فيه بالخروج بوجه مكشوف، تكهنات عن قدراته التنظيمية التي مكنته من تدبير عملية مركبة التفاصيل، شملت تسفير المنفذ إبراهيم العيساوي بطريقة غير نظامية باتجاه إيطاليا، قبل أن يجتاز الحدود باتجاه فرنسا.
وكانت فرقة مكافحة الإرهاب بمدينة قفصة، قد أعلنت السبت الماضي عن إيقاف المدعو وليد السعيدي الذي ظهر متحدثًا في التسجيل، إلى جانب شخص ثان قام بتصوير المقطع، بعد عمليات مداهمة وتفتيش، وإحالتهما على الجهات القضائية المختصة.
تنظيم بخلفية شيعية
المقطع تناقض مع المنطق فالرواية والتنظيم المزعوم محلا شكوك.
شكوك تدعمها تناقضات يسهل رصدها بمضمون التسجيل، وتبعث على الريبة بحسب المختصين في شؤون الجماعات الجهادية.
ولعل الملاحظة الأبرز التي يثيرها المختصون، تتلخص في دوافع اعتماد تسجيل مصور لمتحدث بوجه مكشوف، بعكس أدبيات وأسلوب الجماعات الجهادية التي تعلن عن عملياتها عبر بيانات صوتية أو مكتوبة.
“تنظيم المهدي” تبدو بدورها تسمية غريبة في أوساط الجماعات ذات المرجعيات السلفية، ذلك أن هذه الكلمة ترتبط بشكل خاص بالمرجعية العقائدية الشيعية، حيث تحتل فكرة الإمام المهدي مكانة مركزية، فهل يكشف التسجيل عن خلفية مذهبية للتنظيم ؟
يستبعد المحلل السياسي بلحسن اليحياوي في تصريح لبوابة تونس هذا الفرضية، مشيرًا إلى أن الفقه السياسي والعقائدي الشيعي لا يتبنى الفكر الأصولي، ولا يفتي بالتكفير ولا بجواز استهداف غير المسلمين، بالمقابل يسعى الفيديو حسب تحليله إلى توظيف البعد الطائفي والإيهام بخلفية مذهبية شيعية للتنظيم، من خلال توظيف تسمية “المهدي”، إلى جانب الهيئة التي ظهر عليها المتحدث والتي تحيل إلى الصورة النمطية للشيعة من خلال اللون الأسود.
“محاولة تلفيق مكشوفة” بحسب اليحياوي، وتتضح عند التمعن في كلام المتحدث والذي بدا جهله واضحًا بالمصطلحات العقائدية لمذهب آل البيت، بدليل عدم معرفته للصيغة الشيعية للتسليم على الرسول “صلى الله عليه وعلى آله”، إلى جانب عبارة “الإمام” التي تسبق ضرورة الإشارة إلى “المهدي”.
وبقطع النظر عن الخلفية العقائدية، فان إشارة المتحدث إلى منفذ هجوم نيس بصفة “الشهيد ابراهيم العيساوي”، يفضح افتقاده لأي معلومات، ويؤكد النزعة الارتجالية للفيديو، “ما يدفع بالتساؤل عن الدوافع الفعلية من نشره، والجهات المستفيدة من ذلك”، يضيف محدثنا.
متحدث بسوابق تكفيرية
بالمقابل تفيد وكالة تونس إفريقيا للأنباء نقلًا عن مصادر أمنية أن المتحدث وليد السعيدي من بين العناصر السلفية المتشددة، وقد انتفع بالعفو التشريعي العام سنة 2011، ما يجعل من وجود التنظيم ومسؤوليته عن عملية نيس احتمالًا قائمًا.