لايف ستايل

أميرات تنازلن عن ألقابهن الملكية استجابة لنداء الحب


في هدوء شديد وبعيدا عن الأنظار، اجتازت اليابانية “ماكو كومورو” منطقة العبور بمطار طوكيو الدولي صحبة زوجها صباح الأحد 14 نوفمبر/تشرين الأول استعدادا لصعود الطائرة المتجهة إلى الولايات المتحدة، لتبدأ بذلك أولى خطوات حياتها الجديدة زوجة ومواطنة عادية بعيدا عن الأضواء والبروتوكولات والقواعد الصارمة، التي عاشت في ظلها طوال 30 سنة كإحدى أميرات عرش الأقحوان.

لم يكن مشهد تلك المسافرة التي أصبحت تحمل اسم عائلة زوجها على جواز سفرها الذي حصلت عليه للمرة الأولى في حياتها قبل أيام، ليلفت الأنظار لولا وجود بعض كاميرات الإعلام التي كشفت عن هوية الأميرة “ماكو أكيشينو” ابنة ولي عهد اليابان الأمير “فوميهيتو”، التي تنازلت عن مكانتها في العائلة الإمبراطورية بعد زواجها بمواطن من عامة الشعب.

ماكو … ترسيخ الاستثناء الياباني

لم يكن تنازل الأميرة ماكو عن امتيازاتها ولقبها الملكي حالة استثنائية في اليابان التي تتميز بارتباطها الوثيق بالعادات والتقاليد وخاصة بالقيم المتعلقة بالعلاقات الأسرية داخل المجتمع، فدشنت قبلها ست أميرات عهد التمرد على وضع المرأة في منظومة “الإقطاع الإمبراطوري” كما يصفها بعض الناقدين، وذلك بتنازلهن عن اللقب الأميري في سبيل الحب.

فمنذ عهد الأميرة أتسوكو التي كانت أولى من انحازت إلى نداء العاطفة وفضلت التنازل عن صفتها بالعائلة الإمبراطورية سنة 1952 بزواجها الذي أثار لغطا في البلاد باعتباره سابقة في تاريخ العرش الياباني، توالت انتصارات العشاق على المكانة الرسمية وامتيازاتها، من خلال الأميرة ساياكو الإبنة الكبرى للإمبراطور السابق وكذلك الأميرات نوريكو وماساكو وتاكاكو وياسوكو.

ورغم أن هذه الزيجات رسخت تقاليد جديدة داخل البلاط الياباني الذي أصبح أكثر انفتاحا على المسألة، إلا أن قصة ارتباط الأميرة ماكو بزميل دراستها السابق بالجامعة أثارت هالة من الاهتمام الشعبي والإعلامي في اليابان منذ الإعلان عنها قبل ثلاث سنوات.

كان من الطبيعي أن تفرض المكانة الاستثنائية لهذه الأميرة الجميلة حالة من الجدل الواسع بعد اختيارها تتويج قصة الحب الصامتة التي جمعتها بمحبوبها بالارتباط الرسمي، باعتبارها حفيدة الإمبراطور السابق وابنة وريث عرش اليابان فضلا عن كونها ابنة أخ الإمبراطور الحالي.

لم تثن إغراءات المكانة والمنصب ولا الضغوطات التي مورست عليها لإجهاض الزواج عبر بعض التقارير الإعلامية التي شككت في الوضع المالي  لـ”كي كومورو” وعائلته، الأميرة ماكو عن الارتباط بـ”حب حياتها” كما وصفته لوسائل الإعلام، ما جعلها تحظى بشعبية واسعة في أوساط اليابانيين الذين أطلقوا عليها لقب “ميغان ميركل اليابان” تيمنا بدوقة ساكس البريطانية السابقة التي نسجت قصة تمرد استثنائية على تقاليد أسرة “ويندسور” المالكة.

لامست تضحية ماكو في سبيل العاطفة قلوب العالم بأسره، وبلغت قمة التجرد برفضها هبة مالية تقليدية بمليون دولار تقدم عادة من الإمبراطور إلى الأميرات اللواتي يغادرن العائلة، مفضلة خوض مسيرة محفوفة بمشاق الهجرة إلى الولايات المتحدة صحبة رفيق دربها الذي انطلق للتو في شق مساره المهني على الضفة الأخرى من العالم.

ميغان: الهروب إلى الحرية

وإذا كانت الأميرة السابقة ميغان قد ألهمت من حيث لا تدري ربما نظيرتها اليابانية في اختيارها ما بين العقل والعاطفة، فإن قصة نجمة هوليود السابقة وزوجة الأمير هاري الذي كان يحتل الموقع الثالث في ترتيب خلافة العرش البريطاني، تليق بأن تتحول إلى سيناريو عمل درامي ملحمي بعنوان “الحب ينتصر رغم كل الظروف والتحديات الصعبة”.

فبعد علاقة عاطفية ملتهبة شغلت الشعب البريطاني ووسائل الإعلام وتحدت ضوابط القصر الملكي الصارمة المتعلقة بالزواج، فضلا عن تحفظ بعض أفراد العائلة المالكة، تكللت مغامرة “الحب المستحيل” بين هاري وميغان بمشهد رومانسي حالم على طريقة النهايات السينمائية السعيدة بزواجهما الأسطوري الذي نقلته عشرات القنوات والمحطات الإعلامية وشاهده الملايين.

انتقلت الأميرة الجديدة إلى حياة جديدة محاطة بالقيود والتفاصيل الرسمية، والبرامج المعدة سلفا والإطلالات الإعلامية المحكومة بالمناسبات الاجتماعية والواجبات الملكية التي عجزت عن التعايش معها والتأقلم مع  إكراهاتها رغم محاولاتها المستمرة ودعم هاري لها.

في لحظة بعينها، التقت رغبة مكتومة لدى هاري منذ سنوات المراهقة بمغادرة العائلة الملكية متأثرا بالمعاناة التي تعرضت لها والدته الراحلة الأميرة ديانا ونهايتها المأساوية، مع صراعات ميغان مع البروتوكول الملكي الصارم الذي لم يكن في نظرها سوى قيود أرستقراطية محافظة ومنغلقة، تتناقض مع الثقافة الليبرالية التي نشأت عليها في الولايات المتحدة.

تمرد ميغان على قيود “آل ويندسور الذي كان الدافع الرئيسي لزوجها لبلورة قراره بالانسلاخ عن الأسرة الحاكمة والتنازل عن الألقاب الملكية وكل ما تعنيه من امتيازات، كان صادما للمدافعين عن التقاليد الملكية في أوروبا، ولكل المتابعين في العالم الذين كانوا إلى حد قريب يشبهون النجمة الملكية الجديدة بالأميرة غريس كيلي، التي انتقلت من قمة مجدها الفني من هوليود إلى موناكو بعد ارتباطها بالأمير رينيه.

يقول البعض إن انسلاخ ميغان صحبة زوجها عن الأسرة الملكية يجسد تشبيها رمزيا لرواية “الفرار إلى الحرية” التي كتبها الرئيس البوسني الراحل علي عزت بيغوفيتش، فالممثلة الأمريكية المولد والأميرة السابقة اختارت التنازل عن كل الامتيازات التي حظيت بها بعد زواجها، ليس في سبيل التحرر من القيود التي كانت تفرض عليها فقط، بل في محاولة للحفاظ على علاقتها العميقة بهاري والتي تأثرت نتيجة الأجواء المحيطة بحياتها الملكية والواجبات المفروضة عليهما.

اختارت ميغان العودة إلى صفوف العامة بعيدا عن متع الملكية وترفها ونفوذها، حفاظا على حرياتها في التنزه والخروج إلى الشارع وقيادة السيارة وكذلك استعادة بعض الخصوصية مع زوجها، بعد أن أصبحت مواعيد لقائهما محكومة بالبروتوكول ومقتصرة على ساعات محدودة بشكل يومي.

 أبولراتانا راجاكانيا … أميرة تايلاند المتمردة

 قد لا يسمع الكثيرون عن الأميرة أبولراتانا راجاكانيا، وهي إحدى أفراد الأسرة الملكية التايلاندية، وشقيقة عاهل البلاد الحالي التي كتبت بقصة حبها وارتباطها برجل أميركي في سبعينات القرن الماضي فصلا مثيرا من “صراع القلوب والعروش”، في هذا البلد الآسيوي الذي يعرف بمحافظته الشديدة في كل ما يتعلق بالنظام الملكي ونواميسه وتمسكه بقواعد متشددة فيما يخص البروتوكولات والتقاليد.

تحدت راجاكانيا أكثر المحاذير والخطوط الحمراء في البلاط التايلاندي بإشهارها قصة حب سرية جمعتها برجل من عامة الشعب تعرفت إليه وجمعتهما أقدار الحب خلال سنوات دراستهما بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لتواجه معارضة شديدة من أفراد العائلة الرافضين لهذا الزواج.

في سبيل الالتحاق بحبيبها بيتر جونسن وبعد أشهر من الصراع المكتوم، لم تتخل راجاكانيا عن ألقابها الملكية فقط بعد أن غادرت البلاد للاستقرار في الولايات المتحدة إلى جانب زوجها، بل تنازلت عن كل حقوقها المالية وأصولها التي حصلت عليها بالوراثة الملكية لتستقر في المهجر لمدة 28 عاما قبل أن تعود إلى بلادها قبل بضع سنوات.