رأي

“أطلقوا سراحي “…قصة مهاجر من الكونغو يعيش الأمرّين في تونس

الكاتبة والناشطة الحقوقية مها الجويني

أخبرني عن مطالبك ؟
“أريد حريتي فليطلقوا سراحي لا أكثر كبقية الناس، لست مجرماً أنا المهاجر رجابو كيلامانو قدمت من الكونغو ، أقيم في تونس التي أؤمن بأنها بلد الحقوق و الحريات ولديها سياسات تحترم حقوق الإنسان”.
هكذا تحدث رجابو السجين المقيم بمركز الوردية لإيواء المهاجرين لموقع بوابة تونس، معرباً عن خوفه من مصيره الغامض منذ اعتقاله يوم 14 فيفري الماضي من قبل شرطة الحدود التونسية دون أن يعلم سبب اعتقاله فلا توجد شكوى ضده. اعتقال دون موجب حق و دون حكم و دون احترام الإجراءات القانونية للاعتقال، يقول لنا: “لقد كنت ضحية العنصرية. تعرضت للشتم و الثلب على أساس لوني الأسود و جنسيتي الإفريقية. أقيم هنا وراء القضبان معزولاً في غرفتي الضيقة و المقفلة أبوابها كأنني مجرم “.
ما قصة كيلامانو؟
رجابو كيلامانو، طالب لجوء ، هاجر إلى تونس قبل سبع سنوات. يحمل تصريح إقامة مؤقتة وتصريح عمل وهو أيضا مدافع عن حقوق الإنسان، يعمل على قضايا المهاجرين و طالبي اللجوء بتونس و في العالم ساهم في تأسيس منظمة “مهاجرون بلا حدود” و هي منظمة غير ربحية تهدف بالأساس إلى مناصرة حقوق المهاجرين واللاجئين. تتدخل المنظمة لمساعدة المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء و تعمل على توفير الدعم القانوني لهم و إرشادهم وتوفير المعلومات المتعلقة بحقوقهم في تونس. بالإضافة الى دعم مطالب للجوء الإنساني و مناصرة المعتقلين اللذين تم القبض عليهم بشكل تعسفي، ومناصرة حق التنقل لهذه الفئة المستضعفة. كذلك تهتم مهاجرون بلا حدود بدعم المشاريع الصغرى وتقديم المساعدات الإنسانية للمهاجرين اللذين يواجهون الفقر والتهميش والتشرد .
 تعاون رجابو كيلامانو مع مختلف المؤسسات والمنظمات المهتمة بقضايا الهجرة واللجوء، على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنظمة تونس أرض للجوء و المنظمة الدولية للهجرة و مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و المجلس التونسي للاجئين والهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والمرصد الوطني لحقوق الإنسان وغيره من أجل إيصال صوت المهاجرين و للاجئين و إيجاد حلول لفئة باتت تواجه مصيراً مأساوياً في بلد يختار الردع الأمني في التعامل معها.
وبحسب قوله وبحسب مراقبين، فإن استماتة رجابو في الدفاع عن المهاجرين باتت تقلق العاملين في مركز الاحتجاز بالوردية و لا سيما أن رجابو كان شاهدًا محرجًا وعقبة محتملة أمام تنفيذ عمليات الإخلاء الوحشية للمهاجرين من مركز الوردية وتحويل وجهتهم إلى الحدود الجزائرية التونسية بغية ترحيلهم نحو أوطانهم .يقول رجابو في هذا الصدد :”حاول بعض المسؤولين بشرطة الحدود ترحيلي عن البلاد التونسية بطريقة غير شرعية وهذا ما رفضته بشدة رغم ضغوطهم و محاولاتهم مساومتي للخروج من تونس بطريقة سرية وهذا ما اعتبرته فساداً إدارياً. وأكدت أنني قدمت إلى هذا البلد كطالب لجوء إنساني واحترمت كل القوانين هنا وحظيت بتصريح بالعمل وأسست منظمة تساهم في الجهود المبذولة من أجل دعم قضايا المهاجرين بتونس “.

معتقلو 25 جويلية

من مدافع عن حقوق اللاجئين إلى ضحية بدوره
و تجدر الإشارة الى أن رجابو عمل كثيراً من أجل الإفراج عن العديد من الأشخاص (بما في ذلك إحالة طلبات اللجوء الخاصة بهم إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) الى أنه كان يُنظر إليه كعقبة أو على حد عبارته كشخص “يحط العصا في العجلة” (تعني باللهجة التونسية: يضع العصي في الدواليب)، مضيفاً أن الشرطة التونسية باتت تتهمه بأنه يهدد الأمن و سلامة مركز الإحتجاز.
الخوف من العودة 
يزداد شعور رجابو بالضيم ليس بسبب هاجس الترحيل القسري الذي قد يعترض أي لاجئ إفريقي في تونس بسبب تأزم وضعه الصحي، إذ يعاني رجابو من آلام في عموده الفقري و آلام على مستوى الرجلين ورغم ما قدمه من مطالب للتوجه الى المستشفى أو أن يحظى بزيارة طبية إلا أن إدارة المركز لم تتجاوب مع وضعه الصحي المتدهور و لم تمكنه من العلاج .
يخشى رجابو أن يتعرض مرة أخرى للاضطهاد في حال تم ترحيله نحو بلده الأم الكونغو ، فهو لاجىء سياسي معارض نظام الحكم في وطنه و يبحث عن حريته و سلامته في بلد آخر ، تحصل رجابو على بطاقة طالب لجوء منذ ثلاث سنوات و خلال فترة الاحتجاز يؤكد رجابو على أن أحد المسؤولين بشرطة الحدود التونسية التي تتعاون بدورها مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون للاجئين ضغط على مكتب المفوضية لحرمانه من صفة لاجئ . ويقول “أنا ضحية مزاج شرطة الحدود السيء تجاهي ، لا أحد منهم يُطيقني لقد قاموا بكل شيء ضدي أخذوا هاتفي و منعوا عني الاتصال عن العالم الخارجي أسبوعين ، لم أُحتجز لقد تم اختطافي عنوة وها أنا أدفع ضريبة نضالي التي لا تأتي على مزاج أعوان شرطة الحدود ! “
رغم المظالم التي يعيشها رجابو كل لحظة منذ قدومه إلى تونس و رغم الزج به بمركز الوردية لإيواء و حرمانه من التمتع بأبسط حقوقه و هي العلاج و الزيارات إلا أن إيمان رجابوا بمبادئ الثورة التونسية و دور المجتمع المدني و الإعلامي التونسي مكنا الأمل من الاستماتة.