صاحب المذهب الجامع بين المالكية والحنفية والقائد العسكري الذي قاد أولى معارك فتح صقلية
هو العالم المجتهد والقائد الجسور، جمع بين الفقه والجهاد، فصار علما في المذهب المالكي وقضاء القيروان، ورمزا للجرأة والإقدام، واشتهر برؤيته الجامعة بين الاجتهاد العلمي وكسر جمود التقليد.
يبرز اسم أسد بن الفرات كشخصية استثنائي في صفحات التاريخ الإسلامي، باعتباره أحد أبرز الأسماء التي صنع تاريخا من العلم والفتوحات.
من حران إلى القيروان
ترجع أصول أسد بن الفرات المولود سنة 142هـ/759م إلى مدينة حرّان ببلاد الشام، حيث خرج والده إلى إفريقية في جيش محمد ابن الأشعث عام 144هـ/761م، واصطحبه معه فنشأ بالقيروان.
نشأ أسد ابن الفرات في بيئة علمية ثرية، ونهل من علوم الفقه والحديث، وتأثر بالمذهب المالكي، فشد الرحال إلى المشرق لطلب العلم، فالتقى بالإمام أبي حنيفة وأخذ عنه أصول الفقه، كما لازم الإمام مالك في المدينة.
وعند عودته إلى القيروان، أصبح من أبرز العلماء، وأسس لاحقا بـالمذهب الأسدي، الذي قام على المزج بين أصول المالكية والحنفية.
لم يكن أسد بن الفرات مجرد فقيه تقليدي بل مجددا فقهيا، مزج بين مدارس مختلفة، واستنبط رؤى جديدة، حتى أصبح مؤسسا لمذهب فقهي مميز في إفريقية والمغرب الإسلامي.
القضاء وفتح صقلية
وفي سنة 204 هـ/819 م ولي أسد ابن الفرات القضاء على القيروان، في عهد الأمير زيادة الله الأول الأغلبي، وبقي بهذه الخطة 8 سنوات.
سنة 212 هـ عينه زيادة الله الأغلبي أميرا على الجيش والأسطول ووجهه لفتح جزيرة صقلية، فخرج بتسعمائة فارس وعشرة آلاف راجل، ووصل بعد خمسة أيام إلى مرسى مزارا في جنوب غرب الجزيرة، وفتحها.
وتذكر بعض المصادر أن ابن الفرات، خطب في جنوده خطبة حماسية تحثهم على الفداء والتضحية والجهاد، وجعلتهم يندفعون تحت رايته إلى النصر .
في قلب معركة صقلية، وبين أمواج البحر الأبيض المتوسط التي شهدت انتصاراته، أصيب أسد بن الفرات بالطاعون، أثناء حصاره لمدينة سرقوسة، وذلك في شهر ربيع الثاني من سنة 213 هـ.
وقد ذكر الصفدي في مؤلفه “الوافي بالوفيات”، أنّه دُفِن في مدينة “بلرَم”، (باليرمو حاليا)، وذلك أثناء حِصار سرقوسة، مخلفا أبرز آثاره العلمية ممثلا في كتاب “الأسدية في علوم المالكية”، والذي جمع فيه خلاصة أفكاره ونهجه الفقهي والعلمي.
ReplyReply allForward
|