ثقافة

أحمد رامي عاشق أم كلثوم السري …الشاعر الذي احترق لينير طريقها


لطالما ارتبط اسم كوكب الشرق أم كلثوم بالشاعر المصري العظيم أحمد رامي الذي كتب لها كلمات عدد من الأغاني ما تزال خالدة في ذكرى عشاقها. 

ويصادف السبت 5 جوان (يونيو) 2021، ذكرى وفاة العاشق السري لأم كلثوم الذي نبعت جميع كلمات أشعاره من قلبه وروحه، حيث تمر 40 عاما على وفاته في 5 جوان (يونيو) عام 1981. 

من هو أحمد رامي

ولد “شاعر الشباب” أحمد رامي يوم 9 أوت (أغسطس) 1892، في حي السيدة زينب بمدينة القاهرة، عاصمة مصر وتعود أصوله وجذوره إلى تركيا فهو حفيد الأمير حسين بك الكريتلي وقد كان أحد كبار المثقفين الذين عرفتهم الساحة الثقافية في مصر. 

تعلم أحمد رامي في مدرسة المعلمين وتخرج منها عام 1914، أما موهبته الشعرية  فقد ظهرت في سن ال 15 وكان يكتب القصائد الوطنية، ثم سافر بعد دراسته الثانوية إلى فرنسا حيث تحصل على دبلوم دراسات عليا من جامعة السوربون ودبلوم آخر من معهد اللغات الشرقية. 

وبعد عودته إلى مصر، شغل العديد من الوظائف من بينها منصب مدير في دار الكتب، لكن مناصبه لم تشغله عن كتابة الشعر وإبراز الجانب الفني فيه، حيث أنه بدأ بكتابة الشعر باللغة الفصحى ثم باللغة العامية المصرية. 

رباعيات الخيام

الرباعيات هي نوع من الشعر الفارسي المشهور وقد عرف به الشاعر الفارسي عمر الخيام وهوغياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام المعروف بعمر الخيام (1048 – 1131). 

عرب أحمد رامي رباعيات الخيام التي غنت منها كوكب الشرق أم كلثوم عام 1949، لكنها  اختارت منها 15 رباعية فقط من بين عشرات الرباعيات التي عربها شاعر الشباب وقد كانت رباعياتها مختارة بدقة فائقة، حيث اكتفت برباعيات ملتزمة نوعا ما. 

أحمد رامي شاعر أغاني أم كلثوم 

ارتبط اسم “شاعر الشباب” بكوكب الشرق أم كلثوم، فقد كتب لها أجمل أغانيها التي ما تزال تسمع إلى اليوم بنفس الشغف والروح ومايزال العالم العربي بمختلف شرائحه العمرية يحفظها عن ظهر قلب ويغنيها ويطرب لها وقد بدأت عام 1924 في غناء قصائده.  

ونذكر من بين أشهر الأغاني “دليلي احتار” و”هجرتك” و”جددت حبك ليه” و”يامسهرني” و”عودت عيني” و”افرح يا قلبي” وغيرها من الروائع التي ما تزال تطرب لها الآذان وماهذه إلا بعض الأغاني من مجموع 137 قصيدة كتبها رامي وتغنت بها أم كلثوم وأطربت بها العالم، فأصبحت اليوم دليل العشاق والأحباب. 

العاشق الصامت 

لم يكن أحد من محبي أم كلثوم غافلا عن معرفة حب رامي لها، فقد كان عاشقها الأبدي الذي كان يكتب كلمات شعره بدم قلبه وبكل صدق ويهديها لها دون مقابل. 

ولم يكف رامي طيلة نصف قرن عن حب حبيبته الوحيدة أم كلثوم، لكن هذا الحب كان سريا بقدر ما كان أبديا، فلم يبح به إلا من خلال كلماته، تلك الكلمات التي أراد أن يبوح بها إليها لكن خشيته من الهجر والفراق كانا أقوى من رغبته في البوح. 

 “وعمري ما أشكي من حبك مهما غرامك لوعني” ولعل هذه الجملة التي كتبها رامي في أغنية “إنت الحب” تلخص نار الحب المشتعلة التي أكلت قلبه في صمت وهو يعاني لوعة الغرام. 

ولم يكن رامي يفارق الصف الثامن في حفلات محبوبته أم كلثوم، فقد كان يحضر بكامل أناقته لسماع قصائده ولوعاته بصوتها الشجي الساحر. 

وعندما غنت أم كلثوم أغنية “هجرتك” في المملكة العربية السعودية لم يكن رامي حاضرا وحزن لذلك حزنا شديدا لعدم حضوره، فقال وقتها “كنت بسمعها وأنا بعض في البساط”.

وكانت أغنية “يا مسهرني” التي تقول “ماخطرتش على بالك يوم تسأل عني دا عنيا مجافيها النوم يا مسهرني”، آخر أغنية كتبها أحمد رامي لحبيبته “الست” أم كلثوم والتي غنتها عام 1972. 

الشاعر الذي يحترق لينير طريقها 

في إحدى اللقاءات وحين سئلت أم كلثوم عن أحمد رامي، قالت عنه “إنه شاعري يحترق لينير طريقي” وكانت تؤكد دائما أنها تحب فيه الشاعر وليس الرجل. 

ولقد بلغ حب أحمد رامي لأم كلثوم مرحلة التقديس، إذ اعترف رامي في حوار صحفي بعمق هذا الحب وقال:”أحببت أم كلثوم حتى التقديس ولم أندم لعدم زواجي منها والآن أعاني الاكتئاب منذ أن غابت عن الدنيا ولم يبق عندي سوى الدموع فقد بكيت كثيرا في طفولتي وشبابي والآن أبكي أكثر بعد رحيلها”. 

نهاية حياة كوكب الشرق بنهاية الحياة الشعرية لأحمد رامي

تسببت وفاة “الست” أم كلثوم عام 1975، في بلوغ أحمد رامي مرحلة الاكتئاب وهجران الشعر، فأضناه الشوق وبلغ به الحزن مأخذه وكان يقول دائما “كيف أنسى ذكرياتي وهي أحلام حياتي؟… إنها صورة أيامي على مرآة ذاتي…عشت فيها بيقيني وهى قرب ووصال…ثم عاشت في ظنوني وهي وهم وخيال… ثم تبقى لي على مر السنين…وهي لي ماض”.

وبعد  مرور عام على وفاة أم كلثوم، تلقى رامي دعوة من الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى حفل تأبينها، حينها كتب قصيدة رغم مرضه وعزلته، قال فيها: “ما جال في خاطري أني سأرثيها…بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها…يـا درة الفـنِ… يـا أبـهى لآلئـه…سبحان ربي باريها”. 

أعماله

نحت أحمد رامي اسمه في التاريخ الأدبي والفني، حيث ارتبط اسمه باسم المغنية الأشهر على مدار التاريخ في كامل أرجاء العالم…كوكب الشرق أم كلثوم. 

كما كتب أحمد رامي ديوانا شعريا يتضمن أربعة أجزاء، معروف باسم ديوان رامي، إضافة إلى تعريبه للأعمال الشعرية الفارسية “رباعيات الخيام”. 

 وكتب رامي 137 أغنية لأم كلثوم، إضافة إلى عدد من أغاني الأفلام السينمائية، كما  كتب عددا من الأفلام، حيث شارك في قرابة 30 فيلما سينمائيا مصريا من بينها فيلم “دموع الحب” وفيلم “عايدة” وفيلم “دنانير” وغيرها. 

 إن القدرة الإبداعية للعظيم أحمد رامي لم تتوقف عند هذا الحد، فقد ألف بعض المسرحيات وترجم بعضها، فحصد رامي على إثر ذلك عديد الجوائز، نذكر أهمها جائزة الدولة التقديرية عام 1967 ووسام الفنون والعلوم، كما حصل على وسام الكفاءة الفكرية من الطبقة الممتازة من الملك حسن مغرب ومنحته أكاديمية الفنون الفرنسية ميدالية الخلود الفني، أما آخر جوائزه فكانت درجة الدكتوراه الفخرية في الفنون والتي منحه إياها الرئيس الراحل أنور السادات.