أحدث “هنشير الشعال” جدلا واسعا في الأيام الأخيرة، خاصّة بعد زيارة رئيس الدولة قيس سعيّد.
زيارة سعيّد “هنشير الشعال” بصفاقس، جعل الأضواء تسلّط على واحد من بين أسس الفلاحة ومقومات الاقتصاد التونسي منذ عقود، خاصة بعد ما تبع الزيارة من تحقيقات وإيقافات طالت رجال أعمال ومسؤولين.
قطب فلاحي واقتصادي
يعد هنشير الشعال بولاية صفاقس ثاني أكبر غابة زيتون في العالم من حيث المساحة البعلية، ويضمّ حوالي 400 ألف أصل زيتون، ويشغّل نحو 435 عونا وعاملا قارا وقرابة 385 عاملا عرضيا.
ويحتوي المركب على 658 رأسا من الأبقار منها 272 بقرة حلوب و3698 رأس أغنام منها 2428 أنثى منتجة و16500 دجاجة بيض و40000 “عتوقة منتجة”.
وبلغ معدّل الإنتاج لأهم الأنشطة خلال الخماسية الأخيرة حوالي 3500 طن زيتون زيت و1.1 مليون لتر حليب و6.5 مليون بيضة و3000 طن علف مركز.
تهرّم كبير
شهد المركب الفلاحي والصناعي الشعال في الفترة الأخيرة تراجعا على مستوى الإنتاج السنوي لزيت الزيتون بسبب نقص التساقطات وتيبّس حوالي 6% من أصول الزيتون.
وفي تصريح سابق جويلية الماضي، أكّد الرئيس المدير العام لديوان الأراضي الدولية، طارق الشاوش، أنّ هنشير الشعال عرف خلال السنوات الأخيرة تراجعا في الإنتاج لعدّة أسباب منها نقص التساقطات والتغيّرات المناخية.
وأبرز أنهم قاموا بإعداد مخطط لإعادة الإشعاع لهنشير الشعال يتضمّن ربط حوالي 44 هكتارا بتجهيزات الري قطرة قطرة واقتناء التجهيزات الخاصة بـ40 هكتارا.
وقال طارق الشاوش إنّه سيتم اقتناء 25 جرارا بمجروراتهم وصهاريجهم، مبيّنا أنّه سيتم أيضا خلال سنة حفر 11 بئرا عميقة بالإضافة إلى التوجّه نحو استعمال المياه المعالجة.
كما أشار إلى أنّ 73% من أشجار الزيتون يتجاوز عمرها 90 سنة وجارٍ قلع عدد منها وتغييرها بأشجار زيتون أو أشجار فستدق.
3.5 مليون دينار لإعادة التوازن لمركب الشعّال
ووفق الرئيس المدير العام لديوان الأراضي الدولية، تعمل وزارة الفلاحة على ريّ 820 هكتارا من الغراسات المنتجة لتأمين مستوى إنتاج سنوي قار وحفر الآبار العميقة وتجهيزها بالطاقة الفوطوضوئية وتجهيز مساحة 820 هكتارا بمعدّات الري الموضعي.
وكشف الشاوش، في هذا الصدد، أنّ الوزارة تعتزم تحسين وضعية الميكنة بالمركب علاوة على الشروع في عملية قلع الأصول المتيبّسة وتمويل برنامج الريّ عبر قرض متوسط المدى من البنك الوطني الفلاحي بتدخّل من سلطة الإشراف بقيمة 2.5 مليون دينار وتمويل ذاتي بقيمة 1 مليون دينار، وتمويل الميكنة في إطار التعاون الدولي التونسي الايطالي لدعم ميزان الدفوعات.
كما سيتم وضع برنامج لتجديد الغراسات الهرمة لبلوغها وضعية غير قابلة للرجوع، بنسق يتماشى مع الإمكانات المائية المتاحة ونوعية التربة والتوسّع في عملية الرّيّ التكميلي لغراسات الزيتون وذلك في حدود الإمكانات المائية المتاحة والاعتماد على المياه المعالجة لريّ مساحات الزيتون حسب الكميات المتوفرة.
فساد إداري ومالي؟
أفاد المحامي مراد الجمل أنّ النيابة العمومية بالقطب الاقتصادي والمالي أذنت بالاحتفاظ بـ7 أشخاص بشبهة “غسيل أموال واستغلال موظف لوظيفته للإضرار بالإدارة”، في ما يتعلّق بقضية هنشير الشعال بصفاقس.
وقال الجمل أمس، إنّه تم تعهيد الوحدة الوطنية للبحث في الجرائم المالية المتشعّبة بالقرجاني بمواصلة الأبحاث في هذه القضية، وفق إذاعة الديوان.
ومن المنتظر أن يمثُل عبد العزيز المخلوفي وبقية المتهمين أمام أنظار النيابة العمومية بعد انتهاء الأبحاث التي تم فتحها لوجود “شبهة في غسل الأموال واستغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره والإضرار بالإدارة”.
والأربعاء الماضي، أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال زيارة أدّاها إلى “هنشير الشعال” بولاية صفاقس، وجود فساد مالي وإداري بهذا المركب الفلاحي التابع لأملاك الدولة، وعملية سطو ممنهجة أدّت إلى تراجع قدراته التشغيلية وحجم إنتاجه السنوي.
واطّلع سعيّد خلال زيارته على وضعية أشجار الزيتون، إلى جانب مستودعات الجرارات والتجهيزات الفلاحية، ومعصرة الزيتون المتوقّفة عن العمل، مشيرا إلى وجود سرقات على مستوى قطع غيار المعدّات والمحروقات، بالإضافة إلى تراجع معدّل الإنتاج السنوي من زيت الزيتون والإمكانيات التشغيلية لمركب “هنشير الشعال”، ما يكشف عن “عملية سطو ممنهجة”.
واعتبر سعيّد أنّ عملية بيع 37 جرارا فلاحيّا تابعة للمركب، بقيمة 167 ألف دينار، بحجة أنّها أصبحت غير صالحة للخدمة ومسقطة، ”غير طبيعية”، مشيرا إلى وجود سوء تصرف في أملاك الدولة.