أثارت جدلا واسعا.. صفقة حافلات أم "نفايات" بملايين الدينارات؟
tunigate post cover
تونس

أثارت جدلا واسعا.. صفقة حافلات أم "نفايات" بملايين الدينارات؟

حافلات مُستعملة بـ16 مليون دينار.. فرنسا تتخلّص من نفاياتها الصناعيّة في تونس!
2023-08-20 14:42

نزار الريحاني
أثارت صفقة اقتناء شركة نقل تونس، حافلات فرنسيّة مستعملة، جدلا واسعا في الساعات القليلة الأخيرة، خاصّة أنّ الشركة مازالت تدفع ضريبة اقتناء الحافلات نفسها من السوق نفسها سنوات 2015 و2016 و2017، ممّا جعل الأسطول يفقد جانبا كبيرا من طاقته التشغيليّة بسبب العيوب الكثيرة التي ظهرت على الحافلات.
وأمس، أعلنت وزارة النقل عن تسلّم الدفعة الأولى من صفقة اقتناء 300 حافلة مستعملة من الوكالة المستقلّة للنقل بباريس RATP، والتي تتضمّن 122 حافلة من نوع IVECO IRISBUS، منها 32 حافلة مزدوجة.
صفقة خلّفت انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من يعتبرها صفقة جديدة من صفقات الفساد، وبين من يرى فيها تكريسا لفكر الارتماء في أحضان المستعمر، ويرى أنّها نفايات فرنسيّة سيتمّ قبرها في تونس كما كان الحال مع النفايات الإيطاليّة.
“نفايات” مقابل ملايين الدينارات
الإعلان عن وصول الدفعة الأولى من الحافلات، أثار جدلا واسعا خاصّة على شبكات التواصل الاجتماعي، بين مُتهكّم ومُنتقد، خاصّة أنّ صفقة اقتناء 300 حافلة فرنسيّة مُستعملة ستكلّف ميزانية الدولة 16 مليون دينار، وفق أما أعلن وزير النقل ربيع المجيدي.
ويعتبر عديد المنتقدين للصفقة، أنّه لا جدوى من اقتناء حافلات مُستعملة في ظلّ التجربة السابقة التي وصفوها بالفاشلة، بعد أن كان مستودع شركة النقل وجهة الحافلات التي تمّ جلبها من فرنسا بعد مرور سنوات قليلة.
وتناقل المنتقدون مقاطع فيديو لوصول الحافلات إلى ميناء حلق الوادي، معتبرين أنّ الحافلات المستعملة سيكون مصيرها الإلقاء في النفايات مقابل إثقال كاهل الدولة بملايين الدولارات من العملة الصعبة.
وأثارت أسعار اقتناء الحافلات المُستعملة من فرنسا، موجة انتقادات واسعة، ويعتبرها عديدون إهدارا للعملة الصعبة في ظلّ وجود بديل بأقلّ سعر وجودة أفضل في الصين وتركيا وكوريا.
وللعلم فإنّ قيمة صفقة اقتناء 300 حافلة مستعملة تقدّر بحوالي 16 مليون دينار، في حين أنّ سعر الحافلة العادية الجديدة يتراوح بين 400 و450 ألف دينار وسعر الحافلة المزدوجة بين 700 و750 ألف دينار.
ويرى مُنتقدو الصفقة التي أبرمتها الدولة التونسية مُمثّلة في شركة النقل، أنّ الحافلات المُستقدمة ستكون على شاكلة التي سبقتها، مُذّكرين بعديد الحوادث التي تسبّبت فيها أو من خلال اكتشاف عديد العيوب، ممّا أدّى إلى تعطّل العشرات أو احتراق العديد منها في السنوات الماضية.
تونس “مقبرة النفايات الفرنسية”
مُنتقدو صفقة اقتناء الحافلات الفرنسيّة المستعملة، يعتبرون أنّ تونس باتت مُستباحة وتحوّلت إلى “مقبرة نفايات” للفرنسييّن على غرار ما كان مع النفايات الإيطاليّة، ولكن هذه المرّة ستدفع تونس ملايين الدينارات بالعملة الصّعبة للحصول على نفايات تسعى فرنسا إلى التخلّص منها بعد نهاية عمرها الافتراضي.
وتساءلوا في تدويناتهم عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي عن السيادة الوطنيّة وعن المنوال الاقتصادي المنتهج منذ الاستقلال، خاصّة فترة ما بعد 25 جويلية التي رافقتها عديد التصريحات من أعلى هرم في السلطة حول عشرات ملفّات الفساد في ما يصفونها بـ”العشريّة السوداء”، لكنّ الواقع أثبت أنّ السلطة حافظت على التوجّه نفسه وقبلت باستيراد نفايات فرنسية مقابل ملايين الدينارات، بينما كان بإمكانها الحصول على حافلات جديدة من أسواق آسيوية بأسعار أقلّ، أو تشجيع المستثمرين التونسيين لصناعة حافلات تُغني عن الرضوخ لقوى المستعمر مثل ما يصفونها.
ويُعلّق أحد منتقدي الصفقة بقوله: “تونس تقتني مجموعة من الحافلات الفرنسية المستعملة في صفقة عمومية غير معلنة.. سيكون مصيرها كمثيلاتها.. تخلّصت منها فرنسا بمقابل.. ما يعني أن ترمي فرنسا بنفاياتها الصناعية في بلادنا وتقبض ثمنها”.
ويكتب آخر عبر صفحته بفيسبوك: “سبب خراب تونس هو المنوال الاقتصادي المنتهج منذ الاستقلال إلى الآن، منوال فيه إملاءات من الخارج وخاصّة المحتلّ”.
كما يتساءل أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي: “لماذا نستورد حافلات قديمة من فرنسا وصناعة الحافلات متواجدة عندنا؟”.
كما انتقد ناشطون صورة وزير النقل والوفد الرسمي المرافق له أثناء وصول الحافلات المستعملة إلى ميناء حلق الوادي.
وكان وزير النقل، ربيع المجيدي، قد أكّد في تصريح صحفي أنّ استكمال الإجراءات المستوجبة لتأمين تسلّم هذه الحافلات قبل العودة المدرسية والجامعية المقبلة، هو حلّ ظرفي ناجع وعلى المدى القصير، لحلحلة الإشكاليات المتعلّقة بمحدودية الأسطول وجودة الخدمات، وذلك في انتظار توفير الاعتمادات اللازمة لتنفيذ برنامج الاقتناءات الجديدة.
وأضاف المجيدي أنّ الوزارة ستعزّز توجّهها في النهوض بمنظومة النقل العمومي الجماعي، طبقا للأهداف التي تضمّنتها الرؤية الإستراتيجية لقطاع النقل واللوجستية في أفق 2040، وأيضا تماشيا مع السياسة الوطنية للتنقّلات الحضرية، مذكّرا في هذا السياق بجملة من المشاريع في طور الإنجاز ذات الصلة، على غرار بقية خطوط الشبكة الحديدية السريعة، وتجديد عربات المترو الخفيف.
يُشار إلى أنّه سبق لشركة نقل تونس أن اقتنت مثل هذه الحافلات سنوات 2015-2016-2017، وما يزال حاليا البعض منها في طور الاستغلال.

16 مليون دينار#
تونس#
حافلات فرنسيّة مستعملة#
نفايات#

عناوين أخرى